شه مال عادل سليم : شباط الحزين … من مذكرات المناضلة فتحية محمد مصطفى ـ ام شوان .
كتبت رائدة الحركة النسائية في العراق المناضلة الاربيلية فتحية محمد مصطفى المعروفة بـ ( ام شوان ) وهي زوجة المناضل الشهيد عادل سليم عن انقلاب شباط الاسود , تقول المناضلة ام شوان :
8 شباط الاسود … يوم في شهر حزين , يتذكره شعبنا العراقي بألم ومرارة وحسرة , كان بداية لكارثة أصابت العراق ولا تزال آثارها المدمرة واضحة للعيان …. حيث اجتاح البلد مد فاشي عنصري قضى فيه الانقلابييون على الألاف من الشيوعيين والديمقراطيين والعسكريين الشرفاء من قادة ثورة تموز المجيدة , واغتالوا مكاسب الشعب , وحولوا الدور والملاعب والمقرات والمؤسسات والابنية والمدارس الى معتقلات واقبية وزنازين وسراديب رهيبة , مارسوا فيها شتى انواع اساليب البطش والتنكيل والتعذيب الوحشي والاعدامات والتصفيات لخيرة ابنا شعبنا العراقي من العرب والكرد والتركمان والاشوريين ,وكراس ( المنحرفون ) الذي اصدره حليف البعثيين السابق عبد السلام محمد عارف بعد 18 تشرين الثاني 1963 ووثق بالصور والمذكرات والتقارير السرية والشكاوى والافادات والوثائق الرسمية والادلة الدامغة تثبت الممارسات الوحشية و اللاأخلاقية واللاإنسانية ، التي قامت بها قطعان الحرس القومي في خلال فترة قياسية لتصفية خيرة ابنا شعبنا العراقي من العرب والكرد والتركمان والاشوريين , يتقدمهم الشهداء الابرار من قادة الحزب الشيوعي العراقي سلام عادل وجمال الحيدري والمحامي نافع يونس وعبدالرحيم شريف ومحمد صالح العبلي والصحفي البارز عبدالجباروهبي وحسن عوينة ومحمد حسين أبو العيس و جورج حنا تلو و المحامي شيخ حسين البرنجي وشقيقه المحامي معروف البرزنجي والكادر العمالي إلياس حنا كوهاري والكاتب والقاص حسين علي هورامي , ومئات غيرهم من كوادر واعضاء الحزب الشيوعي العراقي …..
اتذكر جيدأ في نهاية عام 1962، كنت أقيم في بيت والدتي ( مرال الحاج داود الدباغ ) الواقع في محلة خانقا في اربيل . وقبل اسابيع من الانقلاب الاسود ، زارتني في البيت إحدى الرفيقات التي كانت تسكن في محلة العرب وتعمل معي في نفس التظيم الحزبي وسلمتني منشور صادر من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي معنونة الى كافة منظمات الحزب والذي احتوى على معلومات تؤكد نية الحزب البعث في الانقلاب وعليه طلب الحزب من اعضائه ان يقاوموا بشدة للقضاء على اي تمرد او عصيان مهما كلفهم الامر وطلبت مني ان اوزع المنشورعلى الرفاق والاصدقاء في اربيل …..
والجدير بالذكر ان زوجي الشهيد عادل سليم كان في ذالك الوقت معتقلا مع رفاقه في سجون ومعتقلات عبدالكريم قاسم بعد ان القى القبض عليه في مدينة كركوك ربيع عام 1962 …
وللتاريخ اقول بان منظمة الحزب في اربيل كانت على استعداد لمواجهة اي تمرد او عصيان , وبناء على توجيهات الحزب اوصلت البيان الى مقر الحزب ومقر رابطة المرأة وطلبت منهم الحيطة والحذر وبعد اسبوعين او اكثر تقريبأ سمعنا بخبر الانقلاب والبيان (رقم 13 ) الاسود والداعي الى ابادة الشيوعيين ،و الذي اذيع من محطة الاذاعة عشرات المرات وهذا نصه :
( بيان رقم 13 صادر من الحاكم العسكري العام :
نظراً للمحاولات اليائسة للعملاء الشيوعيين ـ شركاء عدو الكريم ،في الجريمة، لزرع الفوضى في صفوف الشعب، وتجاهلهم للأوامر والتعليمات الرسمية، فقد كُلف قادة الوحدات العسكرية، والشرطة والحرس القومي بالقضاء على كل من يعكر صفو السلام، وإننا ندعو أبناء الشعب المخلصين إلى التعاون مع السلطات بالإعلام عن هؤلاء المجرمين، وإبادتهم ) …. !!
بعد اذاعة بيان الانقلابيين مساء 8 شباط وخروج التظاهرات المناهضة للانقلاب الاسود ذهبت فورا الى مقر الحزب وثم الى مقر رابطة المرأة الواقع في وسط مدينة اربيل واستطعنا خلال فترة قياسية ان نحرق ونتخلص من هويات العضوات واسماء المتبرعات والوثائق ومحاضر الاجتماعات وبهذا العمل استعطنا ان ننقذ حياة عشرات الرفيقات والرفاق من قبضة الحرس القومي و اعتقال مؤكد ونهاية لا تحمد عقباها …
وفعلا بعد اكمال مهمتنا بنجاح جرى اقتحام مقر الرابطة من قبل عشرات الاشخاص الملثمين من قطعان الحرس القومي سيء الصيت والمعروفين من قبل ابناء مدينة اربيل بحثاً عن الاسماء والعناوين ولكن دون جدوى لم يعثروا على اي شيء سوى بعض بقايا الأوراقٍ الممزقة والمتناثرة وبقايا الهويات الممزقة والمحروقة في مقر رابطة المرأة ….!!
كما قامت تلك المجاميع المسلحة من قطعان الحرس القومي بمداهمة البيوت ليلا دون إذن من أهلها وكانوا يتصرفون كالحيوانات المتوحشة يحطمون الابواب و الشبابيك ويدنسون حرم البيوت ,وكانوا يفتشون بطريقة جنونية جميع الأغراض من خزانات الملابس والمطبخ وخزانات الغرف الاخرى , وجرى اعتقالات عشوائية داخل مدينة اربيل وكان في حوزتهم ايضأ قوائم باسماء المطلوبين ,كماقاموا بفرض حالة الطوارىء وحضر التجول ووضعوا نقاط تفتيش في الشوارع وفي كل المنافذ الحساسة والطرق الرئيسة داخل مدينة اربيل وبتعزيزات عسكرية كثيفة لم تشهدها اربيل من قبل ….
نعم … رغم مخاطر الارهاب البعثي الفاشي الا ان الرفيقات والرفاق في خلايا ومنظمات الحزب في اربيل قاموا بمجهود جبار في اليومين الأول والثاني للانقلاب المشؤوم وبذلوا كل مافي وسعهم لانقاذ الرفاق والرفيقات ولتوعية الناس بحتمية وأهمية مواجهة البعثيين بكل ما لديهم من قوة وامكانية من اجل انقاذ ما يمكن انقاذه من قبضة البعثيين القتلة والحرس اللاقومي …..
نعم هكذا تروي المناضلة فتحية محمد مصطفى كل ذالك , مؤرخأ للمرحلة , من خلال رؤيتها للاحداث ومشاركتها الفاعلة فيها , بعد بذل جهدها لتكون صادقأ مع نفسها اولأ ومع شعبها في ذكر الوقائع والحقائق التاريخية كما راها ……
اخيرا لم يبقى الا ان اقول :
تحية للبطلة فتحية محمد مصطفى … تلك المناضلة التي وقفت بجانب رفيقاتها ورفاقها تثبتهم وتشد من أزرهم وتحثهم على الصمود والتضحية في وجه قتلة الشعب العراقي …..
تحية لشهداء شباط الحزين الذين سالت دماؤهم لتروي شجرة النضال ……
المجد والخلود لكل شهداء الوطن والحرية وشهداء الحزب الشيوعي العراقي والخزي
والعار لكل الخونة …………