عماد علي : الضربة الامريكية ضد داعش تعني الكثير .
بعدما كُثر الكلام عن منشا داعش و من يدعمها اختلط الامر على الكثيرين، و اعتقدوا ان العراق بكل اجزائه سيكون تحت رحمة داعش و المهمة التي وكلت اليها هو تغيير النظام و استئصال ما تغير منذ سقوط الدكتاتورية لتعين دكتاتور عادل كما سموهو بحلة اسلامية متطرفة تبقى من اجل مواجهة مناقضها في الطرف الاخر المذهبي، و كان هدف الداعم العربي لداعش و لحد اليوم هو تغيير المعادلات السياسية الاقليمية من خلال ما تفعله و تنفذه من اوامر صادرة اليها على الرغم من تعنتها احيانا و خروجها من التعليمات الصادرة اليها ، و خاصة سيطرة المحور السني و تجريد ايران من القوة التي تتمتع بها من نفوذها القوي في العراق . بعد الصعوبات في انهاء مسالة سوريا و المواقف المتناقضة و المنحنيات المختلفة المسير للتعامل مع القضية السورية و المفاوضات الامريكية الايرانية حول الملف النووي الايراني ، و المتغيرات على الساحة العراقية بعد الانتخابات و متطلبات القريب و البعيد الخارجي و الداخلي من كيفية انبثاق الحكومة و نوعيتها، دُخل داعش الخط بشكل مباشر و غيرت الاوضاع بصورة واضحة، و كان مجيئها و دخولها الحلبة عن غفلة ضربة قاضية لمسار العملية السياسية العراقية و خيبة امل للعديد من الاطراف . و من امر بها و دفعها الى هذا التوجه الجديد هذا امر اخر فيه تحليلات و توقعات معتمدة على جهات الدعم و الممول و النافذ في هذا التنظيم الارهابي . امتد نفوذ داعش و اعتلى رصيدها سياسيا و عسكريا و وقع لصالح العديد من الجهات و ضد المناوئين لهؤلاء ، و كانت لها اهداف معلنة و هي تغيير النظام في العراق و تحويله الى دولة اسلامية داعشية من غير ان تعرف او غفلت نفسها عن الحدود التي رسمها الداعمون لها، فارادت تجاوز الخط الاحمر عند مشارف بغداد و وُقفت عند حدها .
بعدما اجتاحت كل هذه المساحات الشاسعة من العراق، والتغييرات الوقتية التي احدثتها، و برد فعل بعيد عن السياسة الهادئة و من دون قراءة صحيحة من السيد مسعود البرزاني و قصر نظره الى ما يحدث ،خرج هو ايضا من الدائرة التي يمكن ان يُسمح له ان يسبح فيها دون التجاوز .
بعد فشل داعش عند عتبات بغداد غيرت مسارها نحو اقليم كوردستان و اعادت المآسي التي حصلت في الموصل بشكل اكثر عند سنجار و لم تقف عند هذا بل ارادت ايضا تجاوز الخط الاحمر مرة ثانية عندما ارادت تجاوز الخط نحو اقليم كوردستان، انها عملية و وفق من و ما وراءها تعتبر تنبيه جيد لكل الاطراف و لكن دون تجاوز الخط الاحمر .
الضربة الامريكية الجوية بعد اكثر من شهرين و في هذا التوقيت و في منطقة تخص اقليم كوردستان، تعني الكثير من كافة الجهات السياسية و العسكرية و كشفت خطة عمل امريكا و من يتبعها، و اصبحت الاهداف المرسومة و ان كانت بغير مباشر امام داعش و امام القوى العراقية و المنطقة مكشوفة للجميع . الان المالكي و يجب ان يتنحى و مسعود البرزاني و يجب ان يعرف حدوده و السنة و رسم الحدود لهم، لم يبق الا حكومة عراقية معتدلة جديدة منبثقة من قاعدة واسعة تظم الاطراف الثلاث وفق الدستور و الفدرالية المرسومة مسبقا .
اي ان الضربة العسكرية الامريكية لداعش في المكان و الزمان المعينين ليس لها اهمية عسكرية بقدر اهميتها و معناها السياسي و هي تكشف الكثير من جوانب المعادلات و خطة الطريق لما تاتي للجميع و هنا تفرض المساومة من قبل الجميع و التنازل عن الطموحات الكبيرة من اجل ان تنبثق حكومة جديدة مغايرة جدا لما موجودة منذ عقد تقريبا .
و اثبتت امريكا من جانب اخر انها لن تتخلى عن اصدقائها رغم التنبيه و التوجيه لها من حين لاخر، و به ازدادت الثقة في مصداقيتها المعدومة منذ مدة نتيجة سياساتها المصلحية القحة و على الرغم من ان مصالحها تنفي و تضرب مصداقيتها في اكثر الاحيان و كما يدلنا التاريخ على ما فعلت .
انها قوة عسكرية بخلفية فكرية راسمالية ليبرالية مصلحية، لم تخرج من صنع يدها الا ما يقع لمصلحتها اولا قبل اي ادعاء مثالي اخر تتشدق بها على الدوام، و خاصة في دبلوماسيتها و تاملها مع منطقة الشرق الاوسط .
فوضعت امريكا النقط على الاحرف لمن يتقن فهم سياستها وما تريده في المنطقة و كيف تتعامل مع القضايا الشائكة التي تهم مصالحها و بالاخص ما يتعلق بالمحورين الرئيسين السني و الشيعي في المنطقة بالذات قبل ما يهم الشان الداخلي العراقي .