ئامانج ناجي نقشبندي : أين العرب من عين العرب ؟
قل لي من هم جيرانك أقول لك من أنت {حكمة }
البحث والتقصي هو بداية إكتشاف كل ما هو مجهول ،ومن هنا فإن محاولة التعرف على ماهية الشعوب وأصولهم وعاداتهم ومعتقداتهم تبدأ بلا شك من معرفة تأريخهم ،ولكن محاولة التعمق في معرفة الماضي القريب والبعيد ستكون صورة غير مكتملة الا إذا إكتشفنا وبحثنا في علاقة شعب من الشعوب مع جيرانه … ونتحدث هنا عن الشعب الكوردي وجيرانه ، موقعه الجغرافي والجيوسياسي والتأريخ الدامي الذي عانى من ويلاته أبناء هذا الشعب على مدى عقود وقرون من الزمن . فمن هم جيران الكورد …ماذا فعلوا ؟ وكيف تعاملوا مع الجار المسلم المسالم الذي ظلمته السياسة والتقسيمات الإستعمارية من جهة ،و وقع بين مطرقة التأريخ وسندان الجغرافيا …الجيران هم الفرس والأتراك والعرب ،فعلوا كل شيئ ،تجاوزوا كل الخطوط الحمراء وخالفوا كل القوانين السماوية والوضعية .. مارسوا كل الألاعيب القذرة وجربوا كل أنواع الأسلحة ،هدموا كل ما بنيناه وكل ما حاولنا أن نبنيه .. حولوا كل أحلامنا بغد أجمل الى كوابيس ،لم يكتفي الجيران بالقتل والدمار بل لم يكتفوا بإستخدام الأسلحة المحرمة دوليا وقتلوا خمسة آلاف نفس بريئة ،عاملونا كما يعامل عبدة الأصنام فأنفلوا مئة وإثنين وثمانون الف إنسان أرادوا فقط أن يعيشوا بسلام كبقية أبناء آدم … ولكن الجيران (إخوتنا في الإنسانية والدين) لم يكتفوا بهذا الدم المسال على مدى العقود والقرون ولم يكتفوا بإستباحة الأرض والعرض وإحراق وهدم مدن وقرىً بمساجدها … فشوهوا التأريخ وطمسوا الحقائق و زوروها ، كذبوا الجغرافيا تفريسا وتتريكا و تعريبا ، فغيروا أسماء مدن كوردية جهارا نهارا ، والأمثلة كثيرة فصارت مدن كوردية ك (ديرسيم وآمد ورحى وديلوك) مدنا للجمهورية التي ورثت تركة الدولة العثمانية لتصبح (تونجلي ودياربكر وأورفا وغازي عنتاب) تماما كما فعل نظام البعث البائد عندما غيروا أسماء مدن وقرى كوردية الى أسماء عربية فقرية (حةسار) الكوردية القريبة من كركوك أصبحت قرية (ثغور) العربية و زوروا إسم جبل (بةمو) الشهيرالقريب من مدينة خانقين الذي كان معقلا من معاقل النضال الكوردي إبان ثورة أيلول المجيدة في 1961 ولسخرية القدر أطلقوا عليه (جبل العروبة) ؟!! وأمثلة أخرى كثيرة ، ومازال للحديث عن جرائم الجيران وتزويراتهم بقية ومعاناة الكورد في سوريا الأسد لا زالت مستمرة .. فمسألة إغتيال (عدنان المالكي) الذي قتل أثناء مباراة كرة قدم بين فريقين سوري وآخر لبناني عام 1955 ليس للكورد فيها ناقة ولا جمل فيأتي البعث و يطلق إسمه على مدينة(ديرك) الكوردية ، ويترجمون إسم مدينة (سري كاني) الكوردية حرفياً الى العربية لتصبح (رأس النبع) العربية ،ولعل المهزلة الكبرى هي مدينة (كوباني) الكوردية البطلة التي صارت رمزاً للمقاومة الكوردية ومقبرة لكل من سولت له نفسه إستعمال الدين الإسلامي الحنيف غطاءاً لجرائمه ضد الإنسانية … هذه المدينة الكوردية الصغيرة بحجمها الكبيرة بمقاومتها كل تلك الفترة لم تسلم من التزوير وتغيير هويتها الكوردية و يا للعبث سميت ب(عين العرب) ،والسؤال هنا وفي هذه اللحظات التأريخية التي تمر بها المدينة وأهلها التي تقف ببسالة بوجه أشرس عدو مدجج بالسلاح والمدعوم من أكثر من دولة ويقاتل في صفوفه عرب وأجانب من جنسيات مختلفة وتمكن الكورد الذين يدافعون عنها وفي غضون شهرين إرسال الآلاف من قوى الشر والظلام الى جهنم .. السؤال إن كانت كوباني ليست الا عين العرب العربية لماذا لا نرى عربا يدافعون عن مدينتهم .. عن عينهم ؟ وأين ضمير العربي و الشارع العربي بل أين جامعة الدول العربية ومتى ستستيقظ من سباتها العميق .
لاندري لماذا لا يتعلم الحكام والأنظمة العربية الدروس والعبر من التأريخ ،فتأريخ الشعوب ليست سطورا مكتوبة على جهاز كومبيوتر ليتم مسحها بكبسة زر ،وتغيير الاسماء وتزوير الحقائق و محاربة الأقليات لا تغير الحقيقة … أتراكم نسيتم تأريخ الأندلس حيث الحضارة الإسلامية التي إنتشرت في قلب أوروبا في شبه جزيرة ايبيريا وحكمت لما يقارب ثمانية قرون ،ثم جاءت القوات الإسبانية الجارة والعدو اللدود وأعادت ضم الأندلس الى المملكة الإسبانية ،أتذكرون المدن الأندلسية وأسمائها ( غرناطة ،مرثية ،قرطبة ،طليطلة ،بلد الوليد ،سرقسطة ، بلنسية ) وعشرات الأسماء الأخرى … بالتأكيد لم يقوموا بما قام به الأتراك والعرب والفرس ولم يغييروا أسماء تلك المدن فبقيت أسمائها نفس الأسماء مع تغيير بسيط في طريقة لفظها لكي تتلائم مع اللغة الاسبانية لتصبح إسبانيا أحدى اجمل الأماكن في العالم ولتكون رمزا لمزج الحضارات والتعايش والتسامح عكس جيراننا الذين لم يسمعوا بهذه المفردات ولا يؤمنون الا بعقلية القوة و تزوير الجغرافيا والتأريخ .