د . نوال السعداوى : النساء المقاتلات فى جبال كردستان .
وتاریکورد ماڵپەرێکی سەربەخۆ و ئازادە
تتعلم الشعوب من النضال والألم كما يتعلم الإنسان الفرد، الرجل أو المرأة، يؤدى النضال ضد القهر والظلم للمزيد من المعرفة والوعى الجماعى والفردى، اكتسب الشعب الكردى، نساء ورجالا، درجة عالية من الوعى، بسبب نضاله الطويل ضد الاستعمار الخارجى والاستبداد الداخلى .
سافرت الأيام الماضية الى كردستان ، جاءتنى دعوة النادى الثقافى بمدينة السليمانية، والنساء المقاتلات فى جبل قنديل والجبال شمال العراق، قبل السفر بيوم واحد، قرأت «مانشيت» بصحف القاهرة يقول إن « داعش » هاجمت محافظة أربيل، ونصحنى الأهل والأصدقاء أن أبتعد عن الخطر، إلا أننى قررت السفر، فهى رحلتى الأولى الى كردستان، وهناك شىء يجذبنى لما يحدث للمرة الأولى فى حياتى، وإن كان هو الموت، وكم أشرفت على الموت لمجرد الكشف عن ذلك المجهول، تتغلب رغبتى فى المعرفة والاكتشاف على المخاطر والمخاوف، وكم سافرت الى جبهات القتال ضد الظلم والقهر فى الوطن وخارجه، وجدت نفسى فى خنادق الفدائيين المصريين بمنطقة قناة السويس ضد الاحتلال البريطانى والحكومات المتعاونة معه ، وكهوف الفدائيين الفلسطينيين فى السلط والأغوار وشاطئ نهر الأردن، ضد الاحتلال الإسرائيلى الأمريكى الأوروبى، والنظم المتعاونة معه.
قرأت فى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى، عن النساء الكرديات المقاتلات الى جانب الرجال فى صفوف البيشمركة، ضد القهر المزدوج، الداخلى والخارجى، واستبعاد النساء والفقراء، قابلت بعضهن فى هذه الرحلة لكردستان ، منهن الشاعرة الكاتبة « مهاباد قرة داغى »، أهدتنى مذكراتها عن تجربتها فى سجن صدام حسين عام 1980، كتبتها بقلم رصاص قصير على مناديل ورق كلينكس ، تذكرت تجربتى فى سجن السادات عام 1981، حين كتبت مذكراتى على ورق تواليت بقلم حواجب قصير، هربته لى إحدى المسجونات المتهمات بالدعارة .
كتبت «مهاباد» مذكراتها باللغة الكردية. ترجمها للعربية «جلال زنكابادى» ونشر الكتاب عام 2010 تحت عنوان «سنة فى الجحيم»، عن طفلة فى الرابعة عشرة من عمرها، تعرضت لأبشع أنواع التعذيب البدنى والنفسى داخل السجن . واليوم تقاتل النساء الكرديات ضد جنود الدولة الإسلامية «داعش» بقوة وجسارة، انتشرت أخبار انتصاراتهن فى كوبانى خلال خريف عام 2014 .
التقيت الكثيرات منهن خلال زيارتى لكردستان شمال العراق، بعضهن من مقاتلات البيشمركة القديمات، وبعضهن فتيات شابات، طالبات وفلاحات وعاملات فى مختلف الوظائف والمجالات تلقين تدريبا ثقافيا فكريا قبل التدريب العسكرى، فالعقل هو الذى يحدد الهدف فى أى معركة تتلقى المقاتلات ما يعرف بالتدريب الثقافى الفكرى يشمل قراءة الكتب ومناقشتها، منها بعض .كتبى الأدبية والفكرية، الى جانب كتب أخرى للمفكرين والمفكرات من مختلف البلاد .
أدهشتنى حفاوة الشعب الكردى نساء ورجالا وتقديرهم لأعمالى، قرأوا كتبى باللغة العربية أو ترجماتها الكردية ، الشعب الكردى يقرأ بمثل ما يناضل، شعب تقدم فكريا وثقافيا عن كثير من الشعوب، صقله النضال ضد الظلم ودفعه الألم الى كسر جدران سجن المحرمات والموروثات الدينية والسياسية والاجتماعية. شعب يعيش الثورة كل يوم فى المدن والجبال، أريقت دماؤه فى عهود الاستبداد والاستعمار، دفع ثمن ثوراته بالدم ومازال يدفع حتى اليوم .
هيلالة رافع، وأمل جلال محمد ، وغيرهن ممن ناضلن لتحرير أنفسهن ووطنهن ، ودفعن ثمن الحرية باهظا ، منها السجن والنفى والغربة والطلاق من الزوج وتشتت الأسرة والأبناء والبنات فى أنحاء العالم .
وشهدت مظاهرة النساء بالسيلمانية يوم 25 نوفمبر 2014، وهو اليوم العالمى ضد العنف الموجه ضد النساء، حملت الفتيات صور المقاتلات البطلات فى الجبال ، وصور الفدائيات المقتولات بأسلحة داعش ، والمغتصبات اللائى تحولن الى سلعة تباع وتشترى كالرقيق تحت اسم « جهادى نكاح ، لاقه كردنى زنان » بالغة الكردية ، رفعت « مجموعة النساء فى جنوب كردستان » شعار: لا لمعاملة المرأة كسلعة، نحن نحارب فى كوبانى فى غرب كردستان، وعلى طول 1500 كيلو متر فى جنوب كردستان ضد القوى الظلامية.
نحن النساء نعيش تحت حكم دولة الخلافة ، نباع فى سوق السبايا وتحدد أسعارنا حسب ديانتنا وأعمارنا ، وتغتصب الأيزيدات والمسيحيات يوميا على أيدى أمراء دولة الخلافة ، نحن نطالب بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بجرائم الحرب والاغتصاب (1820، 1886، 1888، 1960) وإيقاف الجرائم تحت اسم الهوية الدينية والقومية والجنسية ، دعتنى السيدة «هيرو» للغداء فى بيتها ، كانت من المناضلات من أجل الحرية والعدالة لنفسها ووطنها ، رفضت أن تحمل اسم زوجها « جلال طالبانى » وكان رئيسا للدولة ، وظلت تحمل اسم أبيها « إبراهيم أحمد »، وأمها الكاتبة « كلاويز صالح فتاح » أهدتنى مؤلفاتها المترجمة للعربية ومنها سيرتها الذاتية .
سەرچاوە – اهرام
وتاریکورد ماڵپەرێکی سەربەخۆ و ئازادە