عماد علي : الدول التي انبثقت نتيجة الغزو ، و تعاملهم مع السكان الاصليين .
من المستحسن لكل من يريد ان يصدقه الاخر ان يثبت ما ينوي عمليا على الارض قبل ان يدعي صدقه ، و لم يصدٌقه احد مهما ادعى ، او ربما يثق به مواليه و محبيه سطحيا خوفا او مصلحة . الادعاء بالاحقية في امور العامة و ما يخص الشعوب و الدول يتطلب البينة و الاستناد على التاريخ و هذا ما يفرض بيان الدلائل العينية و الوثائق الموثوقة بها و المعترف بها على مستوى رسمي و شعبي معا كي يؤمن به الجميع و يعملوا وفقه .
لا يمكن الاستمرار في خدع الناس بدافع المصالح الضيقة ، و لا يمكن السير على طريق السلف في اية مسيرة ان كانوا على خطا مهما طال الزمن بالاستمرار على الخطا ، و لا يصح الا الصحيح و ان اتخذ الزيف المفروض قرونا من الزمن .
لا يمكن مقارنة اية دولة او موقع في العالم مع منطقة الشرق الاوسط الا امريكا و كيفية انبثاقها ، لاسباب و عوامل عديدة تفرض نفسها على من يتبعه وتجعل النظر اليها بخصوصية و تميز تام تاريخا و ثقافة و مجتمعات و شعوبا تداخلت فيما بينها و تسببت امور مشوهة للحقيقة و ادت الى تثبيت المضلل، و دخلت في انبثاق دولهم عوامل خارجية و مصالح خارج اطارما يهم الشعوب الاصلية في البلدان التي تاسست بالقوة و فرضت ارادة الاقوياء و المحتلين نفسها فيها .
لم نجد العلاقات الاجتماعية اكثر هشاشة من هذه الشعوب الموجودة رغم السطحية في بيان غير ذلك على الملا ، و لم نجد شعبا يمكن ان نقارنه بشعوب هذه المنطقة الا شعوب امريكا من حيث وجود التناقضات الكبيرة الحجم كما هي موجودة في هذه المنطقة ، و لا يمكن ان نجد مسببات التخلف راسخة في منطقة في العالم اكثر من هذه المنطقة . و رغم كل هذه الصفات السلبية، فان شعوبا عديدة اُلحقت و الصقت بالدول المتوزعة عليها دون ارادتها و منها الشعبين الكوردي و الامازيغي و السكان الاصليين في منطقة الاشرق الاوسط جميعا ، و به ازداد هذه الدول تناقضا و هشاشة و تخلفا نتيجة عدم الانسجام و التعايش السلمي العفوي .
طال الامد التي كان من المفروض ان يعيد التاريخ النظر في مسيرته ، و يعيد النصاب الصحيح الحقيقي الى تركيبة شعوبه و كيفية ترابطهم على الاسس القوية الصحيحة المقنعة لهم ذاتيا .
ان الفضيح في الامر ، ان تتعامل مع من اُجبر لخدمتك ان يكون وفيا و صادقا معك دون استرضاء داخلي في كيانه، و اعتقاده الراسخ في نفسه بان سخرية الزمن قد فرضت عليه الدور الذي وقع فيه من الخضوع للضلالة . لا يمكن ان نحسب الدول التي توزع عليها الكورد و الامازيغ و الاشوريين و السومريين الاصلينن على الدول المتعددة القوميات و الطوائف و المختلفة الاشكال ، انها مناطق تغيرت تركيبتها الانسانية بضرب السيف و القوة ، انها منطقة التجا اليها المنتصرون غزوا و هم الطامحون في ثروتها و الهاربون من شغف العيش باسم الفكر و الدين و العقيدة ، و لم يدعوا من الساكنين الاصليين فيها الا قليلا و طمسوا خصوصياتهم و سماتهم ، انها موقع السومريين و الاشوريين و الفينيقيين و الاكديين و الكورد و الامازيغ و الفروعونيين او الاقباط الاصليين ، انهم الان الاقلية بين من غزوهم او من غير من اصوله و اتبع الغازي قسرا او مصلحة .
بعد هذا التغيير في الشكل و التركيب و كيان المجتمع، و تاتي انت و ترى انك غريب في دارك و يتعامل من ليس له الحق في التسلط ان يجحف بحقك ، هذا الكلام لا ينبع من العنصرية و افرازاتها على عقلية الانسان و انما قول الحقيقة و ما فرضه التاريخ و افناد التضليل و ما كتبه كتاب السلاطين المتجبرين .
من المعلوم ان الاقوام الشرقية التي غزت هذه المنطقة وفرضت نفسها و استقرت في بقعة ورثت دولة قوية كونت لها امبراطورية خلفت ما تُسمى دولة تركيا اليوم ، و امتدت ايادي الفرس شرقا و غربا على حساب الاقوام الاخرى و استورثت دولة تسمى ايران التي تحوي من الفرس اقل نسبة مقارنة مع الاقوام و المكونات الاخرى، اما الدول التي سيطرت عليها الغازين الاتين من الجزيرة العربية بعد الاسلام سيطروا بشكل كبير على المنطقة و لعبوا بمصير الاقوام الاصليين و غدروا بهم غدرا ليس له مثيل باسم الدين و العقيدة . و من المتابعة لتاريخ العالم و المناطق التي اكتشفت يمكن ان نقول و نقرب المقارنة ، بان امريكا هي الدولة التي تاسست جراء غزو ولجوء من مناطق اخرى و تم بنائها بعد ابادة سكانها الاصليين ، و غيروا ملامح المنطقة التي سيطروا عليها، و لكن يمكن فرز فروقات معينة لها مع منطقة الشرق الاوسط، لا يمكن اساسا ان نفضلهم على الغازين في منطقة الشرق الاوسط و انما ظروف التي مرت بها و لم تكن جميع الغزوات دموية هناك مما انتج واقعا اجتماعيا مغايرا . اي الاسس التي تبنت عليها دول هذه المنطقة و امريكا متقاربة في التركيب و النشوء و الانبثاق ، و عليه يمكن ان تتعامل امركيا وفق ما ورثتها من مولدها مع المشابهين لها وان كان بافكار و ادعائات عصرية ، اي الدول التي توزعت عليها الكورد والاقوام الاخرى في المنطقة باسرها مشابهة التكوين و التاسيس و الانبثاق و التاريخ مع امريكا التي هي دولة جديدة مقارنة مع دول هذه المنطقة . لم نجد دولا اخرى على المعمورة مشابهة لهاتين المنطقتين يمكن ان يحملوا وجه المقارنة ، اي هؤلاء ( العرب و الفرس و الترك و الامريكيين ) بنوا كيانهم على حساب السكان الاصليين و فرضوا انفسهم عنوة و قسرا عليهم . غير ان الفرق هو رضا السكان في امريكا بشكل كبير بمن يحكمهم و امنوا بدولتهم و فرض القانون نفسه لحد كبير دون اي خلل يمكن ذكره ، و تكافؤ الفرص الى حدما بين المواطنين واعتماد الديموقراطية ونشر الحرية و الاقتناع بما الموجود ، جعل السكان وهم من الغرباء اي اللاجئين ان يعيشوا بحرية و قناعة ، و لم تصل حال السكان الاصليين لحد اليوم الى الاقتناع الذاتي الراسخ بصحة الدولة و ايمانهم بها عمقا . اما في هذه المنطقة لا يوجد الا الغدر و الظلم و العيش على حساب السكان الاصليين و انقراضهم بقوة السيف و السلاح ، و لازالت الابادة البشرية سارية المفعول و في كل مرحلة مهما تباعدت عن بعضها نجد عملية انقراض السكان الاصليين سارية المفعول ، و يحل البديل الغازي باسم الدين و العقيدة محل الاصلي . ما يتجلى من الارهاب اليوم هو ذاته الذي عمل به الغازيون القدماء . و داعش يعيد ما فعله اسلافه بكل دقة و بحذافيره ، انهم يسبون فتيات الايزيديين و يهجرون المسيحيين ويحزون الرقاب و يحرقون الاجساد من هم الاقوام الاصلاء على هذه الارض في هذه المنطقة المنكوبة تاريخيا نتيجة افعال الغزاة القدماء و الجدد .