ئامانج ناجي نقشبندي : كرسي الرئاسة أم إعمار كوباني .
قبل أكثر من أسبوع وخلال إجتماعه بقيادات الأحزاب الكوردستانية أعلن السيد مسعود البارزاني بأنه غير متمسک بمنصب رئاسة الإقلیم ، على عكس الكثير من قياديي الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذين أعلنوا في الآونة الأخيرة مرارا وتكرارا بأنه لا بديل للبارزاني رئيسا للإقليم ،حيث صرح خلال الإجتماع بأن كل فرد من هذا الشعب بإستطاعته أن يكون بديلا له في المنصب المذكور .
وكما هو معلوم فإن مسألة منصب رئاسة الإقليم وبقاء البارزاني ولمدة عشر سنوات مضت أصبح الشغل الشاغل في الشارع الكوردستاني ولدى النخبة السياسية ، المعارضة والموالاة على حد سواء ويكاد يكون شأنه شأن كل شيء مادة دسمة للمزايدات السياسية ، فالسيد مسعود البارزاني تم إختاره للمرة الأولى من قبل البرلمان الكوردستاني عام 2005 وبعد حوالي خمس سنوات وبناء على طلبه بأن يتم إختيار الرئيس مباشرة من قبل الشعب، حصل على مايقارب 70% من الأصوات في الإنتخابات التي جرت بتأريخ 25/7/2009 . وكان من المقرر أن تجرى الإنتخابات في عام 2013 وتم من خلالها إختيار رئيس للإقليم ولكن وبسبب المشاكل المتعلقة بدستور الإقليم وبدلا من ذلك و بموجب توافقات سياسية بين الأحزاب الكوردستانية جرى تمديد لمدة سنتين للسيد البارزاني رئيسا للإقليم بموجب القانون رقم (19) في سنة 2013 والمدة ستنتهي في (20/8/2015) .
وبالعودة الى تصريحات السيد رئيس إقليم كوردستان فلا شك أنه من الأولى أن تحترم قيادات الديمقراطي الكوردستاني رغبته بعدم التمسك بكرسي الرئاسة أكثر من غيرهم ..هذا من جهة ومن جهة أخرى على الأحزاب المعارضة لإعادة إختيار أو إنتخاب السيد مسعود البارزاني أن يدلوا بدلوهم و يثبتوا للشارع الكوردي أن اللغط الحاصل حول هذه المسألة مطالب جدية لمبدأ تداول السلطة وليست مزايدات ومراهنات لكسب أصوات الناخبين .
وبالحديث عن بقاء الرئيس لعشر سنوات مضت وفيما يتعلق بالأوضاع الداخلية فكل مواطن كوردي كان يمني النفس أن تبذل جهود حقيقية في محاربة الفساد المستشري وأن يتم إتخاذ تدابير و إجرائات من شأنه تحسين الوضع الإقتصادي بشكل عام ، والسياسة النفطية التي تسببت بالخلاف مع حكومة نوري المالكي وكادت في بعض اللحظات أن تتطور الى نزاع مسلح بين الإقليم والمركز و إستمرت الخلافات وصولا الى حكومة حيدر العبادي والوعود الإنتخابية بالرخاء وصندوق عائدات النفط و حصة كل مواطن كانت مجرد أحلام تحولت الى كوابيس مرعبة .
مر عقد من الزمن ولا نزال نعاني من آثار وتداعيات إزدواجية الإدارة بين مدينتي أربيل والسليمانية ،وطوال السنوات التي مضت وبالكاد شعر المواطن في المنطقة الخضراء(مدينة السليمانية) التي كان الإتحاد الوطني الكوردستاني بقيادة جلال الطالباني بأن لديهم رئيس إقليم يتمتع بكافة الصلاحيات ، عشر سنوات والفقراء يزدادون فقرا والأغنياء يزدادون غنى وثراء، عشر سنوات شهدت إرتفاع أسهم المعارضة في إقليم كوردستان وإنخفاض أسهم الحزبين الكبيرين الديمقراطي والإتحاد الوطني بشكل ملفت للنظر ،مما شجع قوى المعارضة أن تفرض شروطا قد توصف بالقاسية على الموافقة أو التوافق على مسألة التمديد أو إعادة ترشيح السيد مسعود البارزاني كرئيس للإقليم بما في ذلك تقليص سلطاته و صلاحياته وتعديل الدستور.
وخلال عقد من الزمن وفي كل مرة يأتي الذكر على حق الكورد في أن يقرر مصيره أسوة بباقي الشعوب وتأتون على ذكر الإستفتاء و الإستقلال و إنشاء دولة كانت هنالك مؤامرة جديدة تحاك خيوطها داخليا وإقليميا وحتى دوليا تلوح في الأفق تستهدف النيل من شعب كوردستان .. ومسألة الميزانية و الرواتب و الملف النفطي والحرب المفروضة من قبل إرهابيي داعش لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة . وفي سياق الحديث عن التصدي البطولي ومواجهة الشعب الكوردي بكل توجهاته لعدوان الدولة الإسلامية من خانقين وصولا الى شنكال وإنتهاء بكوباني التي قاومت قوى الإرهاب لشهور طويلة وأصبحت إسما على كل لسان وسطر أبنائها أروع ملاحم البطولة في التأريخ الحديث …وبلا شك كان إتخاذ القرار بإرسال قوات البيشمركة من قبل رئاسة وحكومة إقليم كوردستان قرارا تأريخيا قرارا حكيما بكل معنى الكلمة ساهم في توحيد الصف الكوردي من جهة وشكلت بداية النهاية لإنتصارات داعش على كل الجبهات ، والكل يعلم حجم الدمار الذي لحق بمدينة كوباني جراء مقاومة المدينة وحربها ضد إرهاب داعش ، ومنذ تحريرها من دنس الإرهابيين تدور الأحاديث من هنا وهناك حول إعادة إعمار المدينة و ذكر في وسائل الإعلام عن محاولات لعقد مؤتمرات لإعمار مدينة كوباني في آمد و قامشلو دون أن ننسى بأن إعادة إعمار ما تم هدمه قد يتطلب جهودا جبارة وملايين إن لم يكن مليارات الدولارات … بإختصار نريد هنا أن نقول للسيد مسعود البارزاني لقد كنت موفقا في الأمس و اليوم في إدارة الصراع في حرب الكورد ضد الإرهاب بالأصالة عن الكورد و بالنيابة عن كل القوى الخيرة في العالم ، واليوم لم تعد بحاجة الى كرسي رئاسة الإقليم فلقد كنت من كنت قبل الكرسي والمنصب و ستكون أنت أنت بعد الإبتعاد عنه ، لست أنا من يقول ذلك ولكن هذا هو المنطق ، اليوم تنتظرك مهمة أسمى و مسؤولية أعظم ، العمل على ما يتمناه كل فرد كوردي … إدارة صراع آخر، صراع إعمار مدينة كوباني المدمرة ، العمل على عقد مؤتمر دولي يشارك فيه القوى الإقتصادية الكبرى و الدول المانحة و الحلفاء الغربيون ولا يخفى على أحد بأن صلات البارزاني و علاقاته الدبلوماسية تخوله بأن يتصدى لهذه المهمة المقدسة ولن تمانع هذه الدول والحكومات المشاركة في هكذا محافل والأمر يستحق المحاولة ، وعندما ينجح الكورد في جهود إعمار كوباني سيكون السيد البارزاني بحق زعيما في أعين كل الكورد في كوردستان الكبرى و ليس كما يروم البعض صاحب منصب تشريفاتي ورمزي بالتمديد لسنتين أو أربع سنوات إضافية وهذا ما لا ولن يتناسب مع إسم مسعود البارزاني و تأريخه وشخصيته .