عماد علي : متى ستنتهي اللعبة ؟
الوضع المتردي للمنطقة نحو الاسوا و هو في تغيير مستمر وسريع و لكن متواكب مع حالات لا يمكن الاستغناء عنها، لانها تفرض التوازن دون ميل الكفة لاية جهة في المنطقة، مع الاخذ بنظر الاعتبار لتوازن القوى في المحورين دون اي انقلاب منتظر لتركيبة اي طرف او ثقله، بل المتابعة العالمية يومية و بدقة متناهية كي لا تدعي الوصول الى نقطة اللارجعة التي تكون لغير صالحهم .
كلما احس طرف ما موجود بانه متضايق من ما يجري او دخل ازمة داخلية او خارجية و هو مدعوم من الراعين لما يجري تحرك و اتخذ موقفا ليستفيد من ما موجود، كما فعلت الاردن و هي بعدما احست بضيق في صدرها صرحت و استفزت جهات و من ثم اخيرا ارسلت وزير طاقتها الى العراق لبحث مشروع استراتيجي لنقل النفط العراقي عبر انابيب تمر من اراضي الاردن الى ميناء عقبة، في الوقت الذي يعيش العراق وهو في ازمة اقتصادية ويعاني من النقص في السيولة . و تتصرف الدول الاقليمية مع العراق و كانه على فراش الموت و تريد كل منها ان تتوارث من ما تبقى منه من الاعضاء السليمة التي يروثها من جهة، و كانما اصبح العراق البقرة الحلوب المريضة التي تهب من حليبها لكل من احس بالجوع في لحظته و هي تعيش في ايامها العجاف من جهة اخرى .
لقد اصيبت الجمهوريات و لم تتعرض الملكيات الى اي خدش، بل استفادت من ما يجري في المنطقة منذ ما سميت بثورات الربيع العربي، و هنا تبرز الاسئلة حول تعامل العالم الذي يسمي نفسه الديموقراطي مع منطقة الشرق الاوسط وفق الاسس و المباديء الديموقراطية التي تفرض التعامل الحسن مع كل ما يؤدي الى ترسيخ الارضية لبناء الديموقراطية، الا اننا في ظل الظروف الحالية نلمس العكس بالتمام و الكمال . هل المملكات الموجودة اكثر ديموقراطية ام اكثر افادة و لصالح الغرب ام انها تنفذ ما تُطلب منها خانعة على حساب شعوبها اكثر من الجمهوريات الموجودة بشكلها و تركيبتها الشرقية و بما تتسم بالعلمانية بعيدا عن الاسس المطلوبة للعلمانية .
ان لعبة الغرب مع الشرق و ما في هذه المنطقة من اللاعبين المحليين اي الدول المتناطحة الموجودة في المنطقة و من المحترفين الذين يلعبون و يفرضون الشروط و يدعمون من يفيدهم، روسيا و اوربا و الصين الى حد ما . غير ان اللعبة فيها من اللاعبين المحليين المصلحيين الذين لا يهمهم الا بروزهم هم و الحصول على ما يهمهم و هم يهدفون الى مصالح ذاتية فقط، كتركيا و ايران المتنافستين المتوافقتين في نفس الوقت .
اصول اللعبة معروفة، انها تشبه الركبي الامريكي، تفرض التدافع القوي بين اللاعبين على اساس الحصول على الكرة و لا يحسوا الا و تخرج الكرة من منطقة بعيدة لمكان تدافعهم و لعبتهم . الساحات، بعد ان تركزت في سوريا و العراق اصبحت اليمن الساحة الجانبية لما يجري من هذه اللعبة السياسية القذرة . تدافعت اللاعبين في العراق و سوريا و لم يجدوا الا الكرة مرمية في اليمن، و هكذا يمكن تبادل المواقع، و الحكم امريكي بحت مع مساعدين من اوربا و المنطقة ايضا . لقد ارادت روسيا تغيير قانون اللعبة لمصلحتها و نجحت لحد اليوم في سوريا و نسقت مع ايران الا انها تعرضت لضربات من عقر دارها و اوكرانيا بالذات و تراجعت، و بعدما كان اصول اللعبة هو وجود فريقان متنافسان فاصبح ممكنا ان تلعب فرق ثلاث او اربع في الساحات ذاتها وفق القوانين الجديدة التي ابتكرتها امريكا لتضرب عدة عصافير بحجر واحدة . الهجمات متبادلة على الاطراف المتناحرة، و ما يهم من يتابع من بعيد و المشرف الذي هو امريكا ليس نتيجة اللعبة بقدر ما تلعب على ما تكون عليه الرهانات لصالح من و التي اصبحت هي الهدف من وراء الستار .
الاوراق متعددة و الاطراف عديدة، ثقيلة و لها كلمتها، و اخرى اصبحت لها شانا بتغيير المعادلات واللعبة التي اصبحت تمس كل من يتابعها ام لا او من هو قريب من الساحة . ان ما يجري يفرض نفسه على الدول في المنطقة والعالم ايضا، و في المنطقة يمكن ان تبرز اطراف تلعب لما تنتجه اللعبة و ليس معتمدا على الرهان التي تهم الكبار . الكورد لاعبون بمهارة بدائية، و ربما النهاية تكون لصالحهم ان لعبوا بجدية و بمراوغات دقيقة و مناورات عالية الدقة و بتكتيكات مناسبة من اجل استراتيجيات كبيرة لم تصادف في تاريخهم اية فرصة افضل مما سنحت لهم اليوم . و كذلك اطراف اخرى ستبرز بعد حين .
نهاية اللعبة مرتبطة بكيفية وقوع ما لصالح الاطراف و ليس بانتهاء الوقت، اي ان كانت النتيجة و ما يقع لصالح الرهانات و الساحة و الاطراف التي تهم المشرف، فان المرحلة الجديدة ستهل و تتجلى في الافق مصير اللاعبين المتداخلين فيما بينهم، و ربما هم ينتظرون شيء و تنتهي اللعبة على شيء اخر . فكم سياخذ منا هذه اللعبة من الوقت و الكلفة و الثمن فليس بيد احد الاطراف المحلية الموجودة في المنطقة و انما يقررها المشرف العام و هو الحاكم المطلق و هو الحكم الذي يشرف على اللعبة بتروي و هدوء كاملين . فلننتظر ما يؤول اليه الوضع دون ان نحسب للوقت .