عماد علي : هل يتالق الكورد في فن الحروب فقط ؟
اعترف العالم بشجاعة و قوة و امكانية الكورد العسكرية و ان لم يتلقوا الدروس والتدريبات العسكرية العلمية، و ما وجدوهم و لاحظوا ما هم فيه الا و كما برعوا اخيرا في حرب داعش بينما هم حاربوا و قاوموا السلطات في الدول التي الحقوا بها كوردستان، في الثورات المتلاحقة من اجل التحرر من ربق الظلم و الاحتلال التي عانوه منذ امد و بعد اتفاقية سايكس بيكو بالذات، الا انها كانت متغطية نتيجة مصالح الدول و لم يلقى عليه الضوء بشكل كان يستحقه .
السؤال الذي يشغل بال الجميع هو، ماذا بعد، هل الكورد يبقوا كما كانوا و هم ضحوا و دافعوا عن ارضهم دفاعا مستميتا دون ان يحصلوا في نهاية الامر على مبتغاهم، ولم يجدوا انفسهم الا و حصد ثمار حهودهم الاخرون نتيحة اخطائهم و عدم تمكنهم من قراءة مابعد الحدث، ام نتيجة الحيل و الخداع و التضليل الذي تعرضوا له و هم غافلون نتيجة سذاجتهم في السياسة .
اليوم و يشهد العالم شجاعة الكورد في مقارعة اشرس تنظيم لم يدع ما لا يقبله العقل و الانسانية و لم يفعله بحق المنطقة من كافة المكونات الا هو تنظيم داعش الارهابي، و لم نسمع يوما الا و تمدح القوى الكبرى الكورد على بسالتهم و شجاعتهم و لكن، فهل يخرج الكورد من المولد بلا حمص كما حصل من قبل في مجريات نزاعات المنطقة و كيف استغلوا في الحروب و لم يحصلوا في النهاية الا الخيبة و الخذلان .
ما يحصل في سوريا و العراق و تركيا و حتى ايران بعد اجتياح داعش المنطقة، هو الجديد الذي لم تشهده المنطقة بهذا الشكل، و المعادلات التي تغيرت و رافقت المتغيرات و المستجدات نتيجة تاثر الحدود التي رسمها اتفاقية سايكس بيكو باجتياح داعش هذه المساحة الشاسعة ضاربا الثوابت عرض الحائط، له وجهان، ايجابي و سلبي، رفع الحدود و ازالة رهبتها و هيبتها التي صنعتها الحكومات المتشددة في هذه الدول و صراعاتهم افاد الكورد قبل غيره، و لكن توحد قوى الشر من خلال جمع المكونات بعيدا عن الحدود و موانعها اضر بالكورد قبل غيرهم . انه مرحلة استثنائية و لها تداعياتها التي يمكن ان تسجل تاريخيا و العاقل من يجد ضالته فيما يحصل، الواقع الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي تغير بشكل ملحوظ في هذه المساحة، بعيدا عن التوقعات و التخمينات لما حصل و من ورائه و كيف تستغل القوى الكبرى ما يجري على الارض او ربما كما يعتقد البعض كما كانوا هم يمهدون لتحقيق اهداف كبرى هم من رسموها من قبل بعمليات نوعية و هم بارعون فيها و لم تتوقعها حكومات و شعوب المنطقة .
نتيجة التجارب المتعددة التي مر بها الكورد و ما استفادوا منها ربما تغيروا في سلوكهم و عقلياتهم نتيجة ذلك و تعود اليهم بايجابية في تحسين احوالهم السياسية في المحصلة النهائية، او تحقيق هدفهم النهائي و هو انشاء دولتهم او دولهم المتعددة كما تفرضها التغييرات التي حصلت بمرور الزمن نتيجة الصاقهم بدول المنطقة .
اليوم نجد من يعترف بتالق الكورد في الوقوف ضد اعتى تنظيم دون ان يتكلموا عن حقوقهم الاستراتيجية، و هذا ما يفرض عليهم ان لا يفوتوا الفرصة النادرة التي اتاهم بعد تاريخ مليء بالدم و الظلم و التعدي، كيف؟
اعتماد الواقع و ما يفرضه بعيدا عن الخيال كما يفعل العرب منذ مدة ليست بقليلة و هم يرفعون شعارات الوحدة في العلن و لم يفعلوا الا لصالح اهداف مرحلية و مدفوعين بدوافع ذاتية ونظرات ضيقة متصارعين لابسط المصالح الشخصية الضيقة . يجب الاعتبار من تاريخ المنطقة و من تقدم فيها و من تخلف، و لكن التعامل مع ما يجري وفق ما تفرضه الخصوصيات التاريخية الجغرافية الكوردية و من منظور ما يفرضه العصر، اي لا يمكن الاعتماد على الخيال و التمنيات في العمل على تحقيق الاهداف، و لا يمكن الاعتماد على العموميات بعيدا عن الخصوصيات التي تفرض نفسها لبيان و العمل من اجل الفعل و الهدف الاصح . ان ما تالق فيه الكورد حتى الان هو من ناحية شجاعتهم العسكرية و ما فرضوه من اعتراف في تفردهم في الشجاعة النادرة التي يتمتعون بها، و جاءت المرحلة التي يجب ان يتحكموا بعقول و افكار واضحة ملائمة متوافقة مع المستجدات و المتغيرات من كافة النواحي . و تحليل المعادلات يحتاج لعقول متفتحة، فبها يمكن تحقيق المرام و يمكن العبور الى الضفة الاخرى و الاسترخاء على شاطيء الامان .
بعيدا عن الخيال و التمنيات و ما اراه على الواقع ليس هناك ما يشجعني على انتظار تحقيق الاهداف الخاصة بالكورد الا ما المسه من خطوات ايجابية ملموسة سياسيا و عسكريا و اجتماعيا في كوردستان الشمالية على الرغم من توجهات و اهداف شخصية حزبية مانعة تجسدها بعض القوى و الشخصيات التي لم تضع امام اعينها الا ما يهمها واكبر العوائق هو ما يريده بعض القادة من ان يحقق ما تفرضه عليه نرجسيته، و بالخصوصما موجود منهم كثيرين في اقليم كوردستان العراق .