عماد علي : هل افول شمس الكورد سيصبح واقعا ؟
بعد الاتفاق النووي الامريكي الايراني برزت الحاجة و فرضت نفسها على ايران لتحركها الى تطمين دول عدة في المنطقة و منها العرب و خاصة في الخيلج حول ما ينتج من تطبيق التفاق ، وكما حصل و البداية الشريعة ظهرت عندما تسارعت تركيا الى تغيير من مواقفها العديدة السابقة و منها انعطافها على الحرب على الارهاب، لاسباب عدة و منها هذا الاتفاق المبرم بين الغرب و ايران ايضا، استدركت السعودية الموقف جيدا و وضعت قدمها في اليمن و منعتها من الانهيار دون اية ضجة من ايران الخارجة من نشوة الاتفاق لتوها و اعتقدت بانها يمكن ان تضحي بيمن بشكل ما لانها لا تريد صرف ما هي محتاجة اليه في هذه المرحلة داخليا و اقليميا اكثر من اليمن . فتاثرت جميع دول المنطقة بما حصل في فينا و شاهدنا انعطافات كثيرة و لا نزال ننتظر الاكثر بعد هذه الخطوة الكبيرة . الاردن و مصر و لبنان والعراق ما فيهما من القوى المؤثرة اضافة الى ما نصل حد تونس و ليبيا، فانهم لامسوا التغييرات و تحركوا صوب ما يفيدهم سياسيا بعدما تاكدوا من نجاح هذه العملية و عودة جواد ظريف الى بلاده حاملا الكاس بجهد جبار و لم يدفع الا ثمنا قليلا . من بين تلك الدول نجد ان الكورد ليس باقل منهم جمعا في التاثر بما يحصل، او انه يتاثر بشكل غير مباشر او نتيجة افعال من يتاثر بشكل مباشر من التغييرات التي تحصل من جهة، و يتاثر من جراء نتائج الاتفاقية و افرازاتها على المنطقة بشكل مباشر كما حصل نتيحة استدارة تركيا بشكل كامل في تعاملها مع الواقع الموجود في المنطقة و ان حاولت التنصل من بعض الواجبات التي فرضتها امريكا عليها بعد الاتفاق التي حصلت امريكا و تركيا بسرعة البرق بعد اتفاقية امريكا –ايران .
ربما تريد تركيا نتيجة ما حصل لها داخليا ن تضرب عدة عصافير بحجر الاتفاق او التنازل لامريكا و دخولها التحالف ضد داعش ، و منها الضغط على الكورد و اعادتهم الى المربع الاول دوليا و اقليميا و محاولتها التوازن في ثقلها مع ايران اليوم باعادة النظر في مواقفها التي اصرت عليها من قبل عندما لم ترضخ في كثير من الاحيان لمتطلبات امريكا و الغرب لاهداف ذاتية خاصة بها داخليا و اقليميا و من اجل استراتيجية مغايرة لما انحدرت اليها اليوم بعد اضطرارها بعد الاتفاق الغربي الايراني . هناك اطراف عديدة تتاثر بما يتغير نتيجة تداعيات و ابعاد هذا الاتفاق و منهم الكورد بااطرافهم و اجزائهم الملتصقة بدول المنطقة . لا يمكن ان يبقى الكورد على ما هم عليه منذ سقوط النظام العراقي السابق و ما وصلوا اليه . هناك توقعات و ظنون، ربما تامل تركيا في ازاحة الدور الكوردي و تحل محلهم بشكل كامل بتغيير موقفها كهدف استراتيجي و ابعداهم عن امريكا و تكون هي البديل المناسب لما تتطلبه امريكا، و ان نجحت سوف تفرض امورا عدة على الكورد في المنطقة في حال بقوا هم متفرقين و غير متحدين كما نراهم اليوم في الاجزاء الاربعة .
ايران تحاول طمانة دول المنطقة و تقلل من قلقهم و تخوفهم من ما يحصل فيما بعد، و هي تدعي بانها تفكر في اجراء حوارات متعددة في المنطقة ان كانت تريد هذه الحقيقة المطلوبة و ليس فرضا للهيمنة بطريقة دبلوماسية سياسية مرنة، و هنا سوف تزداد شوكتها صلبة و قوتها ازديادا مفرطا و ربما تغتر في امور تخص العلاقات و المحاور الموجودة في المنطقة، و عليه يمكن ان تتوجه دول المنطقة اكثر نحو الغرب و تستفاد امريكا بالذات من رد فعل هذه الدول نتيجة ابعادهم عن روسيا و القوى الاخرى التي تبرز اليوم ضمن تجمعات او تحالفات بطريقها الى التاسيس .
ماذا يحدث للكورد بين هذه المعمعة و المتغيرات اليومية المستمرة . انهم امام طريقين لا ثالث لهما، اما ان يوحدوا جهودهم و يقراوا ما يحصل بشكل جيد و يستحضروا لما يتغير و يتاثروا به بشكل كبير و يخطوا بشكل صحيح ليبقوا على موقعهم او بتغيير طفيف في ثقلهم، او يبقوا على حالهم الحالي و هم ينشغلوا فيما بينهم و يبقوا ضمن العدة التي تستعمل لصالح القوة الاكبر في المحاور التي توزعوا عليها و يتغير واقعهم و يعودوا الى ما كانوا عليه في احسن الاحوال . الوضع الكوردي المرتقب لا يطمان اي مراقب نتيجة حداثة ادارة الذات لدى كوردستان الجنوبية و متطلبات الدول التي يتوزع عليهم الكورد و استراتيجياتهم . ان اي تقارب امريكي تركي مهما كان، سيقع في النهاية على حساب مستقبل الكورد و مصيرهم، و كما هو الحال اي تقارب ايراني غربي على حساب الكورد في ايران، و كما يعتقد الكثيرون بان التقارب الايراني التركي سيحصل في نهاية الطريق بعدما تدخل الاتفاقية الايرانية الامريكية محل التطبيق، و هذا يكون على حساب الكورد في البلدين ايضا، اما الوضع السوري فان ملامح تاثر قضية الكورد فيها ظهرت عند الاتفاق الامريكي التركي و مهما كانت نتائج ما يحصل في سوريا فانه لا يمكن ان نتوقع ان يكون ايجابيا لما يامله الكورد في هذه المرحلة .
كل التخوف من تشابك العوامل السلبية المتعددة التي يمكن ان تقف حجر عثرة امام تقدم وضع الكورد اكثر من ما هو عليه ان لم نعتقد تراجعه في اغلب الاحتمالات . و لكن هناك بين كل هذه التصورات طريق ثالث هي قدرة الكورد انفسهم كاهم عامل، و ان نجحوا، يمكن ان تُخفف التاثيرات ويمكن الحفاظ على الواقع الموجود لمدة يمكن ان يفرضوا انفسهم على المتغيرات في النهاية، او نشهد افولا بطيئا للشمس الكورد المشرق منذ سقوط الدكتاتورية في العراق و التغييرات الاقليمية في شرق الاوسط و ما حصل في العالم منذ عقد او اكثر .