عماد علي : كوردستان الجنوبية اكثر بؤسا من الاجزاء الاخرى !
من معرفتي و احتكاكاتي مع الكورد من اجزاء اخرى من كوردستان الكبرى ، و مقارنتي بينهم من كافة النواحي الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية ، ادركت ان ابناء الشعب الكوردي في كوردستان الجنوبية اكثر بؤسا و نقمة من الاجزاء الاخرى بكثير … بدات اتفحص العوامل و الاسباب و سالت كثيرا و نبشت في ثنايا الاسباب الحقيقية العلمية من الدراسات و نظريا من التساؤلات و النبش عن الاسباب الحقيقية و من خلال المعايشة كانت او التعامل اليومي .
احد اهم الاسباب هي السياسية ، تحررت كوردستان تقريبا من ربق الدكتاتورية بشكل انقطع التواصل مع المركز العراقي منذ انتفاضة اذار 1991 ، و كان بالامكان ان تسير و تتقدم بشكل ملحوظ بحيث تكون مثالا و نموذجا حسنا للاجزاء الاخرى، كي يشدوا من ازرهم و يستغلوا اقل فرصة للتحرير و بناء كيانهم، الا ان الياس الذي اصاب الشعب الكوردي في كوردستان الجنوبية اثٌر بشكل سلبي على الاخرين و لم نر عزما و اصرارا بشكل اكبر و اشد، لا بل تراجع البعض عما كان عليه من قبل و بالاخص في كوردستان الشرقية ، و على العكس من كوردستان الشمالية التي تناضل و تضحي لانها نظمت نفسها و عملت على الكثير من الجوانب للصمود والمقاومة ، و لم يعد الشعب الكوردي هناك منفصلا عن الثورة و النضال . و نعلم عن حال كوردستان الغربية و نضالاتها ما رفعت راس جميع الكورد بثورتهم و مقاومتهم و نظامهم التقدمي في كانتوناتهم و تطبيق ما يؤمنون به فكرا و فلسفة على ارض الواقع .
انهم اي الاجزاء الثلاثة الاخرى، لكونهم غير متحررين كاملة لحد اليوم و لهم طموحات و اهداف لم يتوصلوا اليها و هم على الطريق، فانهم اكثر ايمانا بقضيتهم و اكثر تفاؤلا و تجاوبا مع معطيات الحياة و يعملون عاى ان يجدوا الطريق السليم و يجدوا سبل الوصول الى قاعدة لكيف يتكيفون بها مع مسيرتهم النضالية و المعيشية التي اخذت ابعادا على اخلاقياتهم و تعايشهم و تعاملهم مع دقائق الحياة اليومية ، و عليه نجدهم اكثر تقبلا للحياة بما فيها و اكثر تفاعلا و في اكثر الاحيان تجاملا و مجملا لتفاصيل حياتهم بما يتلائمون به مع ما تتطلبه الحياة اليومية للانسانالكوردي .
اي من كان على الطريق و لم يصل و له هدف مصيري، فانه اكثر عزما و ارادة و فعالية و استحضارا من اجل تحقيق المرام و به سيكون اكثر تفاؤلا و تاملا بالخير. على العكس من مَن وصل الى نهاية المطاف تقريبا و راى من يحكمه من بني جلدته اكثر تعديا والفساد وحكم مجموعة و عائلة و الفروقات الشاسعة و اللاعدالة تسيطر على زمام الامور، فانه يجد نفسه بين المتناقضات فيصبح اكثر ياسا و تخبطا، لانه وصل الى ما كان يناضل من اجله و لم يجده كما تخيل و هدف اليه ، فانه يصاب بخيبة امل و يتناقض في دقائق حياته و يصطدم مع الموجود الذي لم يتخيله او لم يكن يتصور ان يصل اليه بهذا الشكل، فانه يعيش في تناقض فيما ناضل هو من اجل تحقيق الهدف المعني بفرق كبير عن ما وصل اليه، لذلك يصاب بخيبة امل اكبر من الاخرين الذين لازالوا على الطريق . اما من الناحية التاريخية الاجتماعية فان العلاقات و الاحتكاكات الشعب الكوردي في كل جزء مع الشعوب الاخرى الاقرب اليهم لها التاثير المباشر، نتيجة الخلط في العادات والتقاليد و ما ورثوه و اكتسبوه منهم نتيجة الاحتكاكات اليومية و التقادم اضافة الى اصالة عاداتهم و تقاليدهم و تاريخهم الغني بالصفات والطقوس الاجتماعية . كوردستان الجنوبية اكثر تعرضا الى خيبات و حروب و تعديات لو قورنت بشكل دقيق مع الاجزاء الاخرى( هذا لا يعني ان الاجزاء الاخرى تاريخها ليست مليئة بالحروب و الانتفاضات و التضحيات ) .
و هذا ما جعل الصفات تختلف شيئا ما بين الكورد في الاجزاء الاربعة، و عند ملاقاتك مع اي منهم، فانك تعلم من سلوكه و تعامله مع الحياة، انه من اي جزء من كوردستان رغم العوالم المشتركة بين ابناء الشعب الكوردي في جميع اجزاء كوردستان . معرفة كيفية التعامل مع الحياة بحلاوتها و مرها تجعل اخلاقيات الانسان على غير ما تكون عليه عند عدم المعرفة او الجهل بثنايا الحياة العميقة، لذلك نجد فروقا شاسعة في التعمق و التفكير الكوردي في مسيرة الحياة في كل جزء من كوردستان، اضافة الى اسباب و عوامل عديدة لا تحصى و لا تعد لما نحن ليس هنا المجال لذكر جميعها ، و عليه نجد ان الكورد في كوردستان الجنوبية اكثر بؤسا و ياسا و تشاؤما من الاجزاء الاخرى من كوردستان .