عماد علي : كوردستان ليست بأمان .
منذ انتكاسة ثورة ايلول نتيجة ما جرى قبلها خلال الثورة او قبل اي مؤامرة من مثيل اتفاقية الجزائر عام 1975، بل نتيجة عدم الاعتماد على الذات و عدم الثقة بالنفس، و سقوط الثورة في لمحة بصر، بعد ان قُطع الدعم له من قبل الشاه بعد تلك الاتفاقية . مرت كوردستان بتحديات كبرى و لكنها كانت محتلة و لم تقده قيادات ذاتية، فانها لم تخسر شيئا اكثر بعد سقوطها الكبير . الا انها بعد انتفاضة اذار 1991 ولحد اليوم، و على الرغم من الحرب الداخلية و الظروف الصعبة و تحدياتها، الا ان كوردستان اليوم تمر باحرج مرحلة و اخطرها نتيجة عدم قدرة القيادة على الخروج من الازمات التي خلقتها بنفسها لاسباب و مصالح حزبية شخصية ضيقة . و لم نر من ينبري ليقول الحقيقة، لا بل نجد من يتملق و يتكلم بخيالية و مثالية عالية و يعتقد بان كوردستان يقودها من يلبي مصالحها و كانه يلبي حاجات و مصالح الشعب. اي النظرة الى الامور العامة من منظور و زاوية ضيقة نابعة من المصالح الشخصية الانانية الضيقة . و للاسف نرى من المثقفين و الكتاب والصحفيين الذي باعوا ضميرهم لمن يدفع اكثر في هذه الايام و ينكر الحقيقة و يدعي الوطنية و هو ليس الا بجانب طرف من السلطة المتخلف . نرى البعثيين والمرتزقة ( الجحوش ) من كافة الصنوف و هو يختفي تحت خيمة الحزب، و يشجع على كل امر ليس لصالح الشعب ان كان مقصودا و نابعا من معدنه او دون ان يعلم ما الحقيقة فيما تسير اليه كوردستان .هناك من يتكلم و هو مطيع نائم في السرير المزخرف الذهبي بجانب سيده غير المقتدر و يخرج كل يوم و يصرح غير الحقيقة و يريد ان يضلل الناس بادعائاته، والحقيقة ان كوردستان انحرفت عن المسار بحكم ضرب القانون دون ان يرف لهم الجفن والصراع المتخلف و المصالح الضيقة .
اما كيف نثبت لهؤلاء موقع الخطورة التي وقعت فيها كوردستان بفعل قادته غير المسؤلين و هم يقودون دون اي مقود امين . من عدة جوانب و منها :
اولا : الناحية السياسية اي لم يشهد اقليم كوردستان الوضع الدنيء لما آل اليه في هذه المرحلة من فراغ قانوني و حتى سياسي تام . وصلت الحال الى ما لم يكن فيه اقليم في اية مرحلة من قبل و هو غارق في بحر الازمات .
ثانيا : الواقع الاقليمي المتغير وما يؤثر سلبا على ثقل كوردستان و اهميته نتيجة عدم توحده و انشغاله بمشاكل داخلية غير مبررة .
ثالثا : ان الديموقراطية و الحرية التي تشدق بها رؤس الازمة في الاقليم ضروبها عرض الحائط بخطواتهم العشائرية المتخلفة و عدم تمكنهم من حل القضايا وا لازمات بسلام و امان، و ضربت سمعته في المحافل و التي لا يمكن اعادتها الى مستقرها مهما فعل هؤلاء .
رابعا : عجزت حكومة كوردستان عن تامين ولو نسبة بسيطة من الخدمات الطبيعية المستحقة للشعب الكوردستاني نتيجة الفساد المستشري و حكم المافيا و اصحاب المصالح غير المبالين بما يهم الشعب من قريب او بعيد .
خامسا : اصيبت السلطة في اقليم بالامراض الوبائية ذاتها التي كانت منتشرة في زمن الدكتاتوريات التي كانت مسيطرة على المنطقة، و من قبيل تخويف الناس بكافة اشكال الترهيب و اتباع الترغيب احيانا كجزء من الترهيب ان لم يفد المعني و يخرجوا دون نتيجة . و اعتماد نظرية المؤآمرة في التحجج بما يفرضون و ما يسيرون عليه .
سادسا : انتشار قوة المرتزقة من كافة فئات الشعب و الذي يمكن ان نسميهم ب ( جحوش) اليوم. ان كان بالامس للحكومات المركزية، فاليوم للحكومة الذاتية التي تحولت الى مدقة على رؤس الفقراء المعدمين، و هم بعيدون عن ما يهم الشعب و يضربون مصالحه من اجل حفنة من المال .
سابعا : لم تستغل السلطة الكوردستانية المرحلة الذهبية التي مر بها اقليم كوردستان خلال العقد المنصرم، نتيجة استغلال الموارد للصراعات الحزبية و عدم ضمان الاقليم اقتصاديا، و لم يقدموا شيئا يمكن ان نرى ولو نسبة بسيطة جدا من الاكتفاء الذاتي من اي جانب كان، و على العكس فهو الان يئِن تحت ثقل الديون الداخلية والخارجية نتيجة جهل قيادته بامور الحكم و الاستراتيجيات السياسية الاقتصادية و السير على العقلية القبلية في كافة المجالات .
لو كنا نريد ان نقول الحقيقة فاننا يجب ان نقول ان كوردستان مصابة باخطر الامراض الوبائية من حيث القيادة و بمساعدة مرتزقتها و ما اوقعوها في ازمات لا خروج منها الا بكثير من التضديات و على حساب الشعب، و الاسباب ذاتها من انكسار ثورة ايلول و هي النرجسية و حكم القبيلة و ضمان مصلحة الشخص و الحزب مهما كانت على حساب اهداف الشعب و مستقبل اجياله . و عليه، فان كوردستان في اخطر مراحله و بعيد عن الامان والسلام و معرٌض في كل لحظة و ساعة للانتكاسة من جديد، لو ساعدت الظروف العراقية المركزية او الاقليمية لذلك، و نحن نتجه الى ذلك بسرعة . و يحس المواطن قبل المتابع و المراقب بانعدام الامان، و السلطة نائمة على صراعاتها لامباليا و كأن الواقع غير ذلك .