ئامانج ناجي نقشبندي : قطع الأرزاق و قطع الأعناق … وماذا بعد .
عندما قرأت آراء و تعليقات و وجهات نظر عن مقالة قيل أن السيد حيدر العبادي رئيس وزراء العراق كتبها مطلع الأسبوع موجها فيها رسالة غير مباشرة الى السيد مسعود البارزاني و المسؤولين في حكومة إقليم كوردستان يحثهم فيها عن التخلي عن فكرة الإستقلال و إعلان الدولة الكوردية .. الحلم الجميل الذي يراود كل إنسان كوردي مهما كانت توجهاته ، حينها لا أدري كيف و لماذا تذكرت أبياتاً من رائعة الشاعر الكبير نزار قباني (هوامش على دفتر الهزيمة) نشرت في مطلع تسعينيات القرن الماضي بعيد إحتلال دولة الكويت من قبل صدام ونظامه ،يصب جام غضبه على الحكام العرب ويقول في بعض من أبياته …
(من الذي ينقذنا من حالة الفصام ؟ونحن كل ليلة .. نرى على الشاشات جيشا جائعا .. و عاريا
ينحني .. كي يلثم الأقدام .. ) ويقول في مقطع آخر من القصيدة (مضحكة مبكية معركة العروبة .. فلا النصال إنكسرت على النصال .. ولا الرجال نازلوا الرجال ) ..
و القصيدة إجمالاً كانت تعكس الواقع المزري للدول العربية نتيجةً لسياسات حكامها من الرئيس جمال عبد الناصر وصولاً الى صدام حسين ومن أتوا من بعده .
و بالعودة الى موضوع السيد حيدر العبادي و مقالته نقول أن الكثير من القادة العرب وفي مقدمتهم دولة رئيس الوزراء العراق لم يعودوا يملكون نصالا لتنكسر ، لا سيوف و لا رماح و لم تعد لهم صولات و جولات في ساحات الوغى ، فالأولى بالسيد حيدر العبادي و بدل أن يحث الكورد و قادته عن الكف في التفكير عن إستقلال كوردستان أن يفكر بإستقلال و إستقرار العراق و حل مشاكله ، أليس بإمكانه رؤية صورة الواقع العراقي عن قرب ..الا يرى أن العراق في قمة الدول الأكثر فسادا في العالم ،أوليست هنالك مشاكل ومعضلات أكبر ليكون قلقا بشأنها ، فهل نسى دولته أن العراق الواحد لم يعد له وجود على أرض الواقع .. فداعش وإرهابه لا يزالون يحتلون مساحات شاسعة من غربي العراق و كما يقول الكثير من المحللين فإن الحاكم الفعلي (لما تبقى من العراق) هو السيد نوري المالكي و من هم من وراءه ، و حزمة الإصلاحات التي حاول السيد العبادي إجرائها بدعم المرجعية لم تكن كافية لإرضاء المواطن العراقي الذي لا زال يعاني بكل ما للكلمة من معنى .
و السيد حيدر العبادي عندما يخاطب الكورد وقادته بأن لديهم عدوا مشتركا (داعش) ، هذه المجاميع الإرهابية التي إرتكبت أبشع الجرائم ضد الإنسانية بشكل عام و الكورد بشكل خاص سواء في مدينة كوباني البطلة أو في مدينة شنكال الجريحة ، ولا تزال قوات البيشمركة تحارب هذه الفئة الضالة على طول مئات الكيلومترات .. وهنا نذكر السيد عبادي ( وعسى أن تنفع الذكرى) فقبل الإعتداء الإرهابي الغاشم وكل الجرائم التي إرتكبتها ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام ضد المواطنين الكورد العزل في شنكال و في شتى المناطق الإخرى و ذبح البيشمركة الأسرى و حرق أسرى آخرين وهم أحياء و سبي النساء و بيعهم في الأسواق و جرائم شتى يندى لها الجبين ، و المقبر الجماعية التي أكتشفت في شنكال بعد تحريرها من برائن المعتدين من قبل القوات الكوردية ، أولم يكن سلفك نوري المالكي قد قطع رواتب الموظفين ، ألم يخلق مئة مشكلة ومشكلة مع حكومة إقليم كوردستان ، ألم تسأل نفسك و لو للحظة أين أصبحت مشكلة الميزانية و النفط و المخصصات المالية الخاصة بالإقليم ، أولم يكن الحديث عن نيتكم بحل كل المشاكل المالية و القانونية و الدستورية المعلقة بين المركز والإقليم مجرد أكاذيب و جعجعة بلا طحن ، إذا حديثكم عن وجود عدو مشترك قد يكون حديثا صحيحا في إحدى جزئياته .. فهناك عدو مشترك ، ولكن من مع من و ضد من ، قطعتم أرزاقنا و لا تزالون ، و قطعوا الداوعش أعناق أبناءنا و لا زالوا يحاولون ، و إن كنت لا تزال لا تعرف أن من يملك عدواً مشتركا هم الشعب الكوردي في العراق فيكفي أن تسمع ما يقوله الحشد الشعبي قيادة و قواعد و جرائمهم في مدينة (طوزخورماتوو) على سبيل المثال ، إذا فنحن الكورد العدو المشترك لصراعكم الطائفي البغيض الذي دمر العراق و قسمه ، لم نكن نحن الكورد من حارب المكون السني وهمش قياداته و حاربهم و زجهم بالسجون و إتهمهم بالإرهاب و حاكمهم ، أنتم من فعل ذلك ،فقتل من قتل و حوكم من حوكم و فر من فر و هاجر من هاجر..، وتسألون أنفسكم من أين و كيف أتت داعش و إرهابه .
نحن من دفع الثمن و لا نزال ، ولا نلام إذا حاولنا البحث عن حلول أخرى و خيارات بديلة ، فليعمل كل طرف فيما هو خير له ، وخير لك أن تعمل على إستقلال العراق من الهيمنة الإيرانية و بسط نفوذك خارج المنطقة الخضراء ،و العمل على إعادة سيطرة الحكومة العراقية أو ما تبقى منها على المدن التي إحتلتها داعش بعد الهزائم المنكرة لنوري المالكي و جيشه وسيطرتهم على أسلحة و معدات عسكرية قدرت بمليارات الدولارات في الموصل والأنبار وباقي المدن و اترك الآخرين ليعملوا و للتذكير مرة أخرى فقط فقولكم المأثور (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق) كانت حجة من حجج كثيرة إستعملها النظام السابق لإحتلال الكويت ونهب ثرواته ، قطعتم أرزاقنا قبل أن يقوم الدواعش بقطع أعناقنا فليس هنالك شيئ بيننا و بينكم يكمن أن نتحسر على فقدانه و قد أن الأوان ليمشي كل منا في طريقه .