عماد علي : اللامركزية تقسم اقليم كوردستان ام تمنع الاحتكار ؟
ان الواقع الذي وصل اليه اقليم كوردستان من تراكم المشاكل و التضخم و وقوعه في ازمات خانقة لم يات الا جراء تفرد نفر ما في الحكم و سيطرة مصالح شخصية حزبية ضيقة على ادارة الاقليم ، و توجهت السلطة نحو المافوية الحاكمة بسهولة ، وتضرر نتيجة كل تلك الاخطاء و ما تفشى من الفساد الشعب وحده ، بحيث وصلت الحال الى ان تفلس الحكومة و لم تتمكن من دفع حتى رواتب الموظفين لمدة اكثر من خمسة اشهر .
فتجمعت الصلاحيات و امكانيات السلطة في ايدي معدودة ، و هو من اكبر الاسباب الى هذه الفضائع التي تحصل وادت الى حال من انعدام ولو اقل نسبة يمكن ان يثق بها الشعب بسلطته بعدما تلمس هذا التدني الواضح في مستوى العدالة الاجتماعية و ما تنشده الطبقة الكادحة من العيش البسيط فقط و علو شان الطبقة المادحة ، و انما ازداد القلق و انعدم الامان و تراجع الوضع من كافة النواحي، كل ذلك نتيجة سذاجة السلطة و عدم امكانيتها و دونية عقليتها السياسية و عدم تمكنها من قراءة مستقبل اقليم ولو لشهر واحد فقط، اي كل ما قامت به هو ادارة سلطة يوميا وفق ما موجود في ساعته، و هذا لا يمكن ان تعتبر سلطة و ادارة و قيادة ، و انما حتى ادارة عشيرة او قبيلة تكون افضل منها، لانها على الاقل تضمن معيشة افراد العوائل من الحبوب و البقوليات لمدة سنة على اقل تقدير، و يبدوا ان العشيرة التي تحكم كوردستان لم تفكر في ادارة البلد حتى بقدر تفكيرهم لعشيرتهم فقط .
سارت السلطة نحو الدكتاتورية و انكرت ذلك بتصريحات واهية و اكتشفت التضليلات فيما بعد بانهم لا يقصدون بقائهم في الحكم، و عندما جاءت ساعة الحقيقة فتشبثوا بالكرسي و ادخلوا الاقليم في متاهات لم يتضرروا هم منها و اصبح الشعب هو الضحية و اثبتوا كذبهم و زيفهم في الاداعاءات السابقة بهذه السرعة القياسية .
و من هنا يمكن ان يفكر اي متابع من افراد الشعب في ما نتوصل اليه لو بقيت الحال كما هي دون اي حل ، و كل ما تفعله السلطة هو قمع من ينوي ان يرفع صوته معترضا على ما اوصلوه اليه ، فلم يبق امامهم الا الهجرة او الانتحار كما نرى يوميا العديد من الشباب قد اضرموا النار في جسدهم نتيجة العوز و الفقر و عدم الامكانية و يتلقوه من ضغوطات الحياة عليهم و على عوائلهم .
اذن، اما الثورة العارمة لازاحة هؤلاء الفاسدين و اما فرض الحلول المعقولة دون تضحيات جسام ان امكن ذلك ، فاحدى تلك الطرق هي فرض اللامركزية الكاملة في الاقليم بحيث لم يبق بيد السلطة ما يمكنها ان تبقي على ما بيدها من وسائل الاحتكار و القمع، و هي الطريقة الصحيحة للخروج من عنق الزجاجة بشكل ما ، فهي مدعومة و مسنودة قانونا و شرعا ، و لامركزية المحافظات احدى البنود التي يمكن اعتمادها وفق الدستور، و لكن الى حد لا يمكن قطع الصلة مع مركز السلطة ، و بها يمكن توزيع السلطة و عدم امكان اي شخص او طرف احتكارها لوحده كما يحصل اليوم من قبل السلطة الحالية .
تفعيل اللامركزية و توسيع صلاحيات السلطات الفرعية في المحافظات احدى الطرق الهامة للتوجه اليها في صياغة الحكم بعد فشل السلطة الحالية في تامين الطريق لمستقبل الاقليم . و يمكن ان تتم باعادة صياغة بعض الفقرات من قانون المحافظات حول ملفي المالي و الامني للاقليم، بحيث يمكن ان يُخرج من ايدي العائلة الواحدة المالكة التي تتحكم فيهما الان بشكل مطبق و مطلق . و به يمكن ان تُخفف من الضغوطات التي تمارسها هذه الاحزاب المتنفذة وا لمستاثرة بالسلطة على البعض ضمن لعبة لم يخسر منها الا ابناء الشعب الكوردستاني فقط .
ان اللامركزية العميقة يمكنها ان تمنع الاحتكار التي تُمارس لحد اليوم من قبل اشخاص و حلقات ضيقة في كافة الملفات الاقتصادية و السياسية و الامنية . انهم لعبوا باسم الديمقراطية و لكنهم توجهوا الى الدكتاتورية باقل فترة، و لم يدعوا منفذا واحدا للتوجه الى الديموقراطية و الحرية المنشودة . فانها السلطة الحالية التي لم تدع الا التفكير في الخروج من طوع الحكم المركزي الذي يمارسه باسم الديموقراطية و الديموقراطية منهم براء .
بعدما اثبتوا بالكامل انهم غير قادرين على ادارة الحكم بشكل عصري تقدمي، و فرضوا قوتهم و ارائهم و تعصبهم القبلي و الحزبي على كل شيء ، اثبتوا انهم ليس اهلا للثقة التي منحها اياهم جزء من الشعب على الرغم من التضليل و التزيف في الانتخابات التي اجروها ، فلم يبق الا التفكير في العملية التي يمكن ابعاد ايديهم بها عن التحكم الحديدي الذي يمارسونه دون هوادة على الشعب . و ليست اللامركزية الا الطريق الهاديء و السلمي في العمل على قطع دابر الدكتاتورية و الاستاثار بالسلطة لمجموعة صغيرة على حساب عموم الشعب، و الا فان الثورة ستاتي في اخر المطاف .