عماد علي : لماذا تحول المال الى اِله لدى قادة اقليم كوردستان .
يبدو لمن تابع ما جرى في كوردستان عرف بان من اكبر اسباب النكسات المتتالية هو دخول المال في امر السلطة و ما اثر على المعادلات بشكل جذري، فرض تاثيراته على مسار الامور، و كيف تحول القادة من الالتزام بالمباديء و القيم الى عبادة المال اثناء قيادتهم، بعدما استولوا على اموال الحزب بكل سهولة و تلاعبوا بها بكل حرية دون ان يعارضهم احد، بل استغلواها في تثبيت اركان قيادتم و ضمان مصالحهم سواء بشراء الذمم او تجنب افرازات الانتقادات التي واجهوها بطرق ملتوية استخدموا فيها الاموال على كسب ضعفاء النفوس، و طرحوا المخلصين الكفوئين ارضا، و اضروا بهذا الحركة التحررية الكوردستانية، و ما عقدوا الامر اكثر بما اقدمت عليه اياديهم في استخدام تلك الاموال في العمليات المخابراتية، و افسدوا المناضلين و اثبتوا بافعالهم تلك موقعهم دون ان يكونوا اهلا لذلك . فاصبحوا هم اِلها و بدورهم عبدوا المال و شجعوا على عبادته لدى المنتمين لاحزابهم .
فكم من اشخاص اصبحوا قوادا في غفلة من الزمن بعدما توفرت تحت ايديهم اموال الحزب الغزيرة التي تلاعبوا بها، و جمعوا من المعتاشين على فتاتهم حولهم و زيفوا بها كل ما يمت بالقيادة الحقة المتمكنة . و الجميع على علم، بعد انتكاسة ايلول كم من اموال سلبها قيادة الثورة المنحصرة في عائلة في حينه .
اما بعد الانتفاضة فازداد الامر سوءا بعدما سيطر الحزبان على اموال الشعوب و تلاعبو بقوته بكل ما لديهم من القوة و الحيل من خلال السيطرة على الجمارك و هربوا ما كان موجودا في الاقليم الىدول الجوار . لم يتنافسوا على كسب الناس باتباعهم الطريق الشريف و العمل على ضمان حقوق الناس و تحقيق اهدافهم بل قاموا على توزيع ما كسبوه من اموال الشعب على المناصرين و المتملقين لهم من اجل تثبيت اركانهم و نجحوا في هذا و فشلوا في قيادة الشعب . فازدادوا اللاعدالة لاعدالة و اجحفوا بحقوق الناس و فرضوا الغبن ونشروا الظلم والتعدي و رفعوا باسلوبهم هذا من لا يستحق العلو و انزلوا من كان لديه الكفاائة و المستحق ان يدير الاقليم بكل عقلانية و نجاح الى اسفل السافلين . و عليه اوصلوا اقليم كوردستان الى حرب داخلية ادارتها امراء الحرب المستندين على المال و نفائس الشعب و كيف استفادوا منها و اغتنوا على حساب مصالح الشعب و الكادحين .
السؤال الذي نطرحه هو؛ لماذا تحول المال الى اِله يعبدونه و اصبحوا عبيده بعدما كان مجرد الة و وسيلة لتسيير امور الثورة و تحقيق اهداف الشعب في حقيقته ؟ على الرغم من ان القيادة الكوردستانية كان غير ملزما بالشفافية و كان الفساد منتشرا منذ انبثاق الثورات، الا انه ازداد توسعا و عمقا في مرحلة مابعد الانتفاضة و سقوط النظام العراقي بالاخص . اي القيادة لم تقم بشيء الا ترضية الحلقات و الشخصيات و الوجهاء من حوله من اجل منافسة البعض دون ان يكون للنخبة و القدرة و الامكانية و العقلية اية اهمية لديهم . فاصبحت للهدايا و الهبات اهمية كبرى في كسب ود المناصرين و تكوّن التكتلات و الموالين . فلم يبق المبدا و الفكر و المنهج ذو اهمية في التنظيمات و جمع الاصوات بقدر ما يوزعون من الاموال على الناس في وقت الحاجة من اجل كسب رضاهم سواء داخل احزابهم او في الانتخابات العامة . و بهذا الاسلوب حكموا الاقليم و هذا ما ادى الى افلاس السلطة و فشلهم في ادارتها بعدما تبذورا كل ما كان لدى اقليم كوردستان من الامكانيات المالية و ما وردت اليه منذ سقوط النظام السابق، و اثبتوا مدى تخلفهم وما يستندون من عقليتهم الدنيئة في ادارة البلاد . و انهم تحولوا و حولوا الشعب الى مرتزقة للاموال و لم يبق للاهم من العقلية و الامكانية و الحكمة و القدرة في كل حركة تحررية اية قيمة . و هذا من اكبر اسباب فشلهم الذريع في هذا الوقت ايضا . كما ان تفكيرهم و عقليتهم السطحية بما يفكرون، فلم يبق لديهم ما يؤمنون به بعد ان تاكدوا من انهم ليسوا جديرين بما هم عليه، فاتبعوا هذا الاسلوب في بقاء جماهيريتهم، اي بالترغيب استنادا على اموال الشعب المهدورة و التي استاثروا بها . و اليوم بعدما وصلوا الى قاع المستنقع لم يقدرُ حتى على توفير راتب واحد للموظفين بعدما دثروا ما كان بين ايديهم بغشامتهم و سذاجتهم و عدم ضمان حتى شهر واحد لادارة سلطتهم الضيقة الافق . فهل يُعقل ان يبقوا على هذه الحال دون ان يعترفوا و يقدموا استاقلتهم . فانني اقول هنا لو كان هذا الوضع الذي يعيشه الشعب الكوردستاني في اقليم كرودستان من الفشل الذريع في السلطة في اية دولة اخرى، فان اقيادة فيها لم تقدم على الاستقالة فحسب بل اقجموا على الانتحار، فمن حق هذه القيادة الفاشلة ان ينتحروا ان كان لديهم ذرة من الحرص و الايمان بشعبهم و اهدافه و مصلحته .