عماد علي : امريكا تستغني عن ايران او دول الخليج ؟
رغم المحاولات العديدة من البقاء على توازن علاقاتها الخارجية في منطقة الشرق الاوسط بشرط استمرار علو شانها و حفاظها على ميلان و بقاء النقاط الخمسة لصالحها و ما تسببه في بقاء دول المنطقة تحت رحمتها لتثبيت قدرتها في الحفاظ على ما تريد من ضمان امن اسرائيل و تدفق النفط وفق ما تريد من الكمية و التسعيرة مع اللعب على ملف الارهاب حسبما تتطلب مصلحتها و كيف توظفها لتنفيذ اجندات مختلفة مع بقاء ترجيح كفتها من المنافسة مع دول كبرى ناهضة ، لذا نرها تريد ان تحث دول الخليج المعلومة عن استراتيجهم و كيفية نشوئهم و بقائهم مدللين في حضن امريكا منذ نشاتهم دون استثناء ، تحثهم على تحقيق ما تفيد مصلحتهم المشتركة بعد التغييرات الجديدة نتيجة ابرام اتفاقيتها النووية مع ايران .
بعد ان نفذت امريكا استراتيجيتها الجديدة وهي السيطرة من البعد على المنطقة بعدما سحبت قواتها العسكرية من العراق و المنطقة ، فضلت ان تبقي الصراع بين القوى الموجودة مذهبيا و قوّت بشكل اما مباشر في تحركاتها او غير مباشر في هذا الاتجاه ، كما خطت في بناء المحاور المتصارعة ان لم تكن متعاركة كيفما تطلب ذلك بقاء احتكار جهاز السيطرة بيدها و التاكيد من عدم انفلاتها طالما ابقت نفسها جسميا بعيدا ونجحت في بقاء سطوتها و قوتها و شوكتها في المنطقة بسياسات تتطلبها ضرورات العصر و العولمة التي تتبناها و تعمل على نشرها و سيطرتها على العالم بكل ما تفيدها خلال هذا العصر و استخدمتها بشكل مثالي في هذه المنطقة .
بعد ان وقعت اتفاقية ضمان عدم نشراو تفعيل المفاعل النووية الايرانية و بقاء اسرائيل هي العامل الاقوى و المسيطرة عسكريا و اعادت التوازن المتارجح لكفة معينة طوال هذه النسنين بعد سقوط الدكتاتورية العراقية ، فخففت من ثقل البعض و احسستهم بانها هي القادرة على تحديد مسارهم و امكانيتاهم و لعبت باسعار النفط اكثر من التعامل السياسي و الصراع التي نشات عليه منذ تفعالها مع هذه المنطقة اثناء الحرب الباردة الى الان .
اليوم و بعدما استفادت من سحبها كقوة مباشرة في الشرق الاوسط بخطة محكمة مع بقاء اهميتها و درجة تاثيراتها على ما هي تقريبا احست بان التقارب الكثير مع محور ايران و التعامل معها سوف تخل بما تريده من اللعب على الوترين في ان واحد فاقدمت على زيارة دول الخليج و ما تريده ان تمليه عليهم من اجل اعادة اللحمة بشكل اخر بينهما و بصياغة و اطر جديدة تناسب ما عملته مع ايران و ليس على حساب ايران كما تفهمه العرب .
منذ مدة و كانت امريكا ايران كثيرا و وصلت بها الحال ان تعتبرها عامل توازن مهم في اعادة الامن و السلام الى منطقة الشرق الاوسط ، الا انه في الوقت ذاته لم تقدم لحد اليوم شيئا لها كما كان المتوقع ، و الخطوات التي اتخذتها اثارت دول الخليج و ارادت التحرك الا انها كانت مقدية المعصمين ، اليوم و في الوقت الذي رفعت يدها ظاهريا على اموال ايران المجمدة و هذا ما يحتاج الى صبر ايوب منايران لاتخاذ مسار عودتها ، فكانت اولة خطواتها المتسرعة هي اقرار التعويضات عن ما سمتها بعمليات ارهابية من عمل يدها اي ايران و راحت ضحيتها مواطنون امريكيون ، اي تريد ان تفرض ضريبتها على تلك الاموال قبل البت بارجاعها ولو بدفعات ربما تعمل و كانها تعطي قطرات دواء لمريض على سرير الاحتضار و تمنعها من الموت المنتظر . اي في الوقت الذي يزور فيها رئيس امريكا اوباما دول الخليج تقر محاكمها العدلية بفرض التعويضات من اموال ايران المجمدة لاسر الضحايا الامريكيين ، اي التوقيت التي دمجت فيها الكثير من الخوات لاهداف كثيرة من اجل اعادة التوازن في علاقاتها مع دول المنطقة من بعد واحد كما تفيدها في هذا الوقت .
امريكا اليوم تحاول ان تشد الحبل التي يربط بها مع ايران من جهة و دول الخليج من جهة اخرى كما تريد ، كيفما و اينما و وقتما ارادت تقصر من طول مدها مع اية جهة او تشد منه او تسحبه وفق القياس الذي يفيدها . و في الوقت ذاته تعمل على عدم استغناء اي طرف عنها و لا تستغني هي ايضا عن الطرفين ايضا .
طالما بقت الحال على ما هي عليه كما اليوم لا يمكن ان تميل امريكا الى اي طرف ، و حال اتخاذ كل خطوة فيما تخص هذه المنطقة فانها تعمل على امتصاص ما تعتقده بان تكون هناك ردود فعل من اية جهة فانها تقوم بحركة استباقية لوادها او منع افراز معطيتها بالشكل الذي يمكن ان يضر باستراتيجيتها الجديدة في المنطقة ، لذا نرى انها تخطو من جهة نحو هدف ما و في الوقت نفسه نراها غارقة في التعامل مع الجهة اخرى في فعل ما وعدت بها . اي طالما استفادت سياسيا اقتصاديا من اعادة قوتها العسكرية و ما كانت عندها على الارض فهي ابقت على هيمنتها بخطوات سياسية مخابراتية مختلفة الاوجه ، فانها تستمر فيها و تحاول ترسيخها و تثبيت شان التوازن في علاقاتها و تعاملها مع المحورين الذي انشاتهما او دفعت الى بروزهما كما تريد خلال السنوات المنصرمة . اي انها تستخدم احدى القوتين االتي من الممكن القول بانهما الحليفتين لها كقوتها امام الاخر في الوقت الذي تريد استخدامها امام الاخر وتعمل العكس ايضا في وقت اخر، اي، اثبتت لها قوة سياسية و حتى عسكرية دون ان تكون لها فعليا قوة امريكي بشكل مباشر على ارض الواقع . و لا يكلفها هذا اي مصروفات اضافية و لا تضيف ثقلا على ميزانيتها ، و بها انعشت اقتصادها الذي كان على وشك الانهيار في غضون سنوات اي خلال مدة قياسية لولا خطواتها السياسية العسكرية الاقتصادية المتناغمة .
اي انها لا تستغني عن اي طرف كان سياسيا و تيقنت بان هذه الاستراتيجية تدر عليها من الثمار التي لم تتوقع نجاحها بهذه النسبة العالية بنفسها ايضا .