عماد علي : هل تستغل تنظيمات البعث التيار الصدري ؟
يبدو من التظاهرات الشعبية المحقة المطالبة بالحقوق البسيطة لا غبار عليها من حيث المطلب اولا و التحركات الجماهيرية الضاغطة ثانيا ومن ضمن الصراع القائم من اجل اخضاع السلطة لتلبية المطالب ثالثا و حتى الدخول الى المؤسسات الرسمية و محاولات فرض ما يستحقه الشعب بالطرق التي يمكن ان تؤدي الى نهايات غير مفيدة كاحتمال ممكن رابعا . كل هذا الجميع معه ، لا يمكن لاي مواطن عراقي ان يعارض شلع المفسدين و قلع اللصوص المستاثرين بالسلطة و من ينهب على حساب الفرد العراقي . كل وسائل الاعتراض يجب ان تكون متوفرة و لا احد لديه اي عتب على ما جرى و حتى دخول المحتجين البرلمان و منطقة الخضراء، على الرغم من ما شابت التحركات خطوات لا يمكن ان تكون محسوبة على من يريد خدمة الشعب و الطبقة الكادحة قبل اي احد . الا اننا نسال هل جميع المتظاهرين جاءوا للغرض ذاته و من اجل الاهداف نفسها ، و يريدون تصحيح مسار السلطة و اعادة الانحراف الى سكته الحقيقية المطلوبة بعدما انحرفت بعد سقوط الدكتاتورية ، ام هناك من انتهزها فرصة سانحة متوفرة و كانها جاءت على طبق من ذهب و اعتبرها خطوة بدائية لوضع الاساس لفرض الفوضى ليستفاد منها و من اجل اعادة امجاد الدكتاتورية بالطريقة المتاحة سواء داخل المتظاهرين ام اعلاميا و بالطرق التي غطوا التظاهرات بها او حثوا المتظاهرين العفويين على اتخاذ خطوات خاطئة ( اننا على الرغم من ما حدث من هفوات نقول انها كانت تظاهرات نظيفة بكل المقاييس لو قارنا ما جرى بالمستوى الثقافي العام و الفئات العمرية المختلفة التي شاركت فيها ) ، و لا يمكن للتيار الصدري ان يرضى بما حدث من خروقات سياسية فكرية لا تمت بمنهج هذا التيار بصلة من قريب و بعيد كما يدعون بل شاهدت الساحة تحركات بعثية الملامح و السمات ، يمكن ان نقول ان هذه الجماهير الغفيرة باختلاف اطيافها و توجهاتها التي دخلت الخضراء من جهة و نشدت و اطلقت من الشعارات المختلفة لم تكن تدلنا على ان التظاهرة منضبطة و منتظمة و شابتها فوضى في كثير منها ، و هذا ما يحسب على التيار الصدري لانه بيّن بانه يقود ما يحصل على الرغم من مشاركة الاخرين غير البارزين اعلاميا بشكل كثيف ، و دخلت نتاج جهودهم في جيوب التيارفي نهاية الامر ، و هذه سلبية اخرى على المدى البعيد رغم التعاون التكتيكي الاني المطلوب لاسباب عديدة ، لسنا هنا بمكان نبين هذا .
اننا في الوقت الذي نحتاج الى مثل هكذا تظاهرات ، و حتى تدخلات اطار الديموقراطية الحقيقية ( لان السلطة لا تحس بالمطلوب ديموقراطيا ) من اجل الضغوطات التي لا يشعر المسؤول بها الا ان تصل الى عتبة بابه ، الا ان الخطوة المؤدية الى تراجع الخطوات الديموقراطية القليلة نسبيا التي رسخت خلال هذه السنين مرفوضة من قبل الجميع . عفوية الكثيرين غطت على التحركات الجماهيرية ، الا ان المندسين المتربصين قد بانوا من بعيد و هم ليسوا بقليلين لحد اليوم ، فهل من المعقول ان نسمع شعارات بعثية في مثل هذه التظاهرة و انت تدخل بالالاف الى موقع راس السلطة و لم تلاق اي رد فعل مسيء اليك لا بل تساعدك القوات الحكومية ، و لم تتذكر ما كان يفعله الدكتاتور لو تحرك الشعب ولو بنسبة صغيرة جدا من ما فعلته الجماهير بالامس و تاتي و تغرد و ترفع صوتك بشعارات بعثية لدكتاتور فعل ما فعله بجميع اطياف شعبه ، او تعتز بما اقترفت يداه و تحن لما بدر منه في مثل هذا الوقت .
الاجهار بمثل هذه النوايا المبيتة في مثل هذه الفرص تبين بشكل واضح و جلي ان هناك من يريد العودة و يخطط لها و يستغل اي ثغرة يمكن ان تحدث بشكل ما جراء عدم الدقة في امور السلطة و المعارضة ، و الخطوة الاولى تحدث ما هو الاخطر و تفسح المجال بشكل سهل لمن يمكن ان يفتح بها الطريق السيء من قبل هؤلاء المتضررين من الديموقراطية و الحرية ، و في مقدمتهم البعثيين سواء داخل العملية السياسية ام لازالوا خارجها . و عند متابعتنا لبعض التحركات و الشعارات توضح لدى الجميع ان هناك نوايا مختلفة و المشاركين بالوان متعددة و جاءوا لاغراض متنوعة . و من هنا لابد العمل على ابعاد اي احتمال يمكن ان يستغل به هؤلاء الفرصة السانحة لهم و يمكن ان يصيدوا في الماء العكر و يستغلوا التيار الصدري في تحقيق مرامهم ، و هو الان واجهة هذه الاعتراضات ، و يريدون النيل من الحرية المتاحة التي لم يشهدها العراق في اية مرحلة من تاريخه منذ تاسيسه ، لذا يستوجب الحذر و الابتعاد عن العاطفة والتزام الدقة و عدم فسح المجال امام المخربين الحقيقيين المتربصين لمثل هذه التحركات ، و هذا لا يعني الابتعاد عن الاحتجاج و ابداء الراي و الاعتراض بالطرق الديموقراطية السليمة ، و لكن المطلوب هو عدم السماح للمسيئين و اصجاب النوايا القذرة من البعثيين و غيرهم مهما ادعوا سلميتهم من التدخل في مثل هكذا افعال ديموقراطية ، و لا يمكن ان تنجح و تحقق اهدافها الا في اجواء و اوساط توفر الحرية الكاملة ، و هم اي البعثيون من امنعوها و قفلوا الباب عليها امام الفرد العراقي لمدة اكثر من خمس و ثلاثين سنة ، مع ما اقترفوا من ابشع التعديات على الحقوق و الحرياتالعامة و الخاصة للفرد العراقي .