عماد علي : الحل في بغداد اكثر من انقرة .
يبدو ان اقليم كردستان قد انقسم على رؤيتين متناقضتين الى حد كبير على كيفية ايجاد الحلول لمشاكله التارخية المستعصية التي راحت ضحيتها دماءا كبيرة، و ظل تحقيق الاهداف المصيرية للشعب الكوردستاني حلما لم يتحقق و لم يستوضح امرهم في الافق .جل ما يفكرون به اليوم و هو الاهم عندهم؛ هو الطريق المناسب السهل التي يمكن ان توصل الكورد الى المامن كيفما وقع او حصل المسير اليه .
ان التقسيم في النظرة الى المهام لدى الاطراف الرئيسية في كردستان لم يكن استنادا على الاقتناع الذاتي باصحية التوجه اونسبة نجاح الاحتمال المنتظر المتوقع لنهاية القضية و تحقيق الهدف المصيري، بل جاء نتيجة الصراع الكردي الداخلي و علاقات الاطراف الداخلية مع الجهات خارج الحدود . طرف يرى الافق في انقرة استنادا على مصلحته الضيقة دون اي اقتناع ذاتي او تضليلا للذات قبل الاخر، و مخبئا للراس في الحفرة عسى و لعل يخرج بنتيجة دون ان يلتهمه العدو كما تفعل النعامة، وهو يعلم حقا ان علاقاته هذه و التوجه الذي يصر عليه ليس الا حاصل نتاج الصراع الداخلي و من نتائج اندفاعاته الحزبية الشخصية و ما وقعت عليه علاقاته الخاصة و من افاده في حروبه الداخلية، وفي النهاية ساعد على توسيع الهوة بينه و الاخر، وهو وضع كافة بيضاته في سلة من التجا اليه دون النظر و التعمق في تاريخ هذه البلاد و مواقفها ازاء القضية الكوردية طوال تاريخها و ما مرت به المنطقة و ما فعلته هي تجاه الكورد منذ تاسيسها، لا بل هي من انقضت القرار المصيري من معاهدة سيفر الصادرة من عصبة الامم حول الكورد و ضغطت و غيرتها الى لوزان المشؤومة، و دون النظر الى الجانب القانوني و كيف يمكن ان يكون فيه اقليم كردستان .
و اليوم يريد هذا الطرف دون التفاهم مع بغداد ان يشرك الصديق غير الصدوق وهو تركيا في اي قرار مصيري و هو يعلم مسبقا بانها لا يمكن ان تقبل بما يحتمل التاثير على كينونتها اصلا . هذا من جانب، اما من جانب اخر هوعدم الاحتساب لما لعبت عليه تركيا طوال تعاملها مع القضية الكوردية في اي جزء من كردستان و هذا غير محسوب بتاتا عنده، و لم يلتفت اليه هذا الطرف او المحور الذي يتواجد فيه لكونه وقع في العمق التعامل الاحادي الجانب دون النظر الى ما هو عليه من الخطا الاستراتيجي، او كيف يمكن التخلي عن الاطراف الاخرى التي لا يمكنه ان يسير الى النهاية من دونهم، سواء كان بغداد او طهران او الجزء الاخر من اقليم كردستان المحسوب على الطرف او المحور الاخر الذي له وجهة نظر اخرى و ربما تكون معاكسة تماما له .
اننا هنا لانريد ان نتكلم عن عدم جاهزية الاقليم لاعلان الاستقلال و القرار المصيري، و الهدف المقدس للجميع، اننا فقط نذكر بان الهدف صعب التحقيق لعدم توفر الارضية و الامكانيات و التحضيرات السياسية الاقتصادية الداخلية و طفح المشاكل الكبيرة الى السطح مع التنقاضات في الاراء و المواقف الموجودة لدى القوى الكردية الكبرى المتنفذة في اقليم كردستان . المعلوم عن تركيا بانها لا تتعاملل مع اقرب اصدقاءها من الكرد الا وفق تكتيكاتها المرحلية فقط، و اثبتتها هي و سارت على غير ما تعاهدت به او خطت على عكس ما اتفقت عليه مع الطرف الكردي و كادت ان تؤدي بتجربة اقليم كردستان دون ان ترف لها الجفن، و بانت نياتها و اهادفها من كل تلك التحركات و الاتفاقيات مع الطرف الكردي المخدوع عندما اثبتت رجليها في مكانها وهي لم تتحرك ساكنا عند اقتراب داعش من عمق اقليم كردستان، لا بل اعتقد المراقبون بانها هي من ارادت ان تخلط الاوراق و تعيد التجربة الكردية الى مهدها باستخدامها داعش من وراء الستار، فبِحثّها و ايعازها لداعش من الدخول في جبهة الكرد في اقليم كردستان ضربت كل شيء عرض الحائط، و لكن الطرف الكردي الملتصق بها و المخضوع لاوامرها نتيجة اهداف خاصة بعيدة عن الشعب الكردي لم تتردد في استدامتها في تبعيتها المخذلة، و لم يتعض هذا المريد من التجربة بعد و استمرت في مواقفها بل استمروا في خنوعهم لها، نتيجة ما تفرضه عليهم مصالحهم الضيقة فقط، و هذا ما فرض عليهم عدم الالمام بالكرامة و العزة من موالاتهم لتركيا فقط .
عندما لم توافق اكثرية الدول على تحقيق هذا الهدف اي الاستقلال و لم تستجب اية دولة بصراحة لدعمها فكيف بك ان تحقق ما تريد دون موافقة المركز و التفاهم معه، الم تنظر الى الحرب الداخلية في جنوب السودان على الرغم من انها تاسست بعد دعم و موافقة جميع دول العالم، بتفهم نواكشوط قبلهم ايضا و بتفاهم و تعاون مشترك . اي،على الرغم من معرفتك المسبقة من ان القضية الكردية في اقليم كردستان مرتبطة من جميع النواحي السياسية الجغرافية التاريخية الاجتماعية مع بغداد، و انت لم تلتفت الى هذا بل تعاكس ما المطلوب و تنظر الى الجهة التي لا يمكن ان تتمكن من اسنادك او مساعدتك على تحقيق ما تؤمن به حقا و هو الاستقلال، فانك تعتمد على القضاء و القدر .
اذن العملية القيصرية الصحيحة هي عدم الالتفات الى انقرة او طهران او دمشق من قبل الكرد من اقليم كردستان و التوجه اكثر الى بغداد و التفاهم معها بوجود في حال وجدت عقليات تقدمية معتدلة متفهمة للتاريخ و مسيرة شعب هضمت حقوقه . اي الطريق الامن السالم لتحقيق المراد هي بغداد لا غيرها، مهما ادعا البعض غير ذلك .