عماد علي: جمهورية اسلامية تركية بعد فشل الانقلاب .
منذ تاسيس الدولة التركية بعد نفاذ مرحلة العثمانية وفق المستجدات على الساحة الدولية والاقليمية و الداخلية التركية من قبل عسكري بيروقراطي قومي الخلفية الى حد ما ليبرالي، اسمه كمال اتاتورك . حملت تركيا في احشائها مجموعة كبيرة من التناقضات و كانت حبلى منذ عمرها البكر بالاضداد بين العلمانية المنشودة الخاصة بعقلية و فكر انسان قومي متطرف في الجوهر، و هو ادعى المساواة بين ابناء الشعب في العلن . استمرت الحال لهذه الجمهورية الفتية بمميزات خاصة بها و باستمرارية تفاعل القوى الاجتماعية و السياسية و العسكرية، و تخللت تلك المرحلة الطويلة مفاجئات و احداث كبيرة ومرت المرحلة ذاتها بعد تلك التغييرات التي حدثت نتيجة تلك الاحداث بمراحل انتقالية و سقوط و قيام ومرت الدولة من خلال الكثير من المحطات و تعرضت لاتقلابات عسكرية كثيرة، و منها وصلت الى التناحر بين القوى و قطع طريق السير امام التطور الطبيعي للمجتمع التركي من قبل العسكر و تعقب كل تغيير ظاهر انقلاب، و بدات مرحلة جديدة فحملت تناقضات فرضت نفسها نتيجة عدم نمو الجمهورية بشكل طبيعي اصلا، بل ولدت بعملية قيصرية و بيد طبيب متفرد عسكري الفكر و التوجه غير ابه بما يحمله المجتمع من الموروثات الاجتماعية من العادات و التقاليد و ما يحمل من الثقافات الخاصة به .
ان المرحلة الاكثر حسما و حزما في تاريخ تركيا الحديث هو حدوث انقلاب كنعان ايفرن سنة 1980و ما تمت من بعده من تحولات كثيرة و اعادة الصياغة للكثير من الامور التي برزت اجتماعا سياسيا و فكريا، و من اهم ما ميزها عن المرحلة التي سبقتها هو الوصول الى قمة التخوف من تاثيرات اليسار في المجتمع التركي، و هذا ما فرض بروز الاسلام السياسي و غض الطرف عنه من قبل السلطة لضرب اليسار و كرد فعل لما حدث و وصل اليه المجتمع التركي من كافة الجوانب . برزت في هذه المرحلة الكثير من النزعات او بالاحرى يمكن ان نقول سنحت الفرصة لانتعاش الاحاسيس القومية و الطبقية الى حد ما على الرغم من ان مراكز القرار في تركيا لم تعترف لحد الان بالتمايز القومي و الطبقي في المجتمع التركي على اساس الفكر و الفلسفة الشيوعية بل اعتبرت ما يجري و يبرز في المجتمع هو مجرد التقارب بين الجماعات المهنية ، و هذا ما يؤكد ان انكار اية حقيقة سينعكس تداعياته و افرازاته الطبيعية على المنكر للحقيقة هذا .
برز الاسلام السياسي تحت يافطة الاستناد على الواقع الاجتماعي و دامت الحال على المنوال ذاته، و حتى ما حدث من محاولات انقلاب كثيرة و لم تنتقل تركيا الى مرحلة اخرى مغايرة لسابقتها لحين اغتيال توركوت اوزال و بروز اربكان بعقليته الايديولوجية غير المبدعة وهو ما فسح المجال للمنشقين من حزبه فرصة ذهبية لاستغالال الواقع و البروز بقيادة اردوغان اخيرا، ليفعل الاخير ما يحقق به ما يؤمن به من تغييرات جوهرية للجمهورية الاتاتوركية المتبقية شيئاما، و نرى يوميا من يؤكد هذا من التغييرات الاستراتجية جراء ما يفعله اردوغان، و ما يحمل من التوجهات و يفعل على الارض من المناورات، على الرغم مما يواجهه من الصعوبات الداخلية و الخارجية، الا انه؛ ان ابعدنا المخططات السرية لما حدث و ان افترضنا ان حدوث الانقلاب كان من قبل المناوئين له، فانه استغله بانتقال تركيا سياسيا و ما عمل خلال هذه السنين من قبل حزبه اجتماعية و نظاما، و وصل الى بروز جمهورية جديدة علمانية الادعاء و اسلامية الجوهرو التوجه و الفكر، بعد ازاحة المعوقات، مستغلا الظروف مابعد الانقلاب و تصفية الحسابات السياسية الايديولوجية المباشرة .
و ان كانت العثمانية استغلت الدين من اجل المصالح القومية،و يتوافق هذا مع عقلية اردوغان الا ان الاردوغانية تعرف المرحلة و ما تتميز به و ما حدثت فيها من التغييرات التي لا يمكن فرض العثمانية فيها قلبا و قالبا، و كذلك عدم امكان اعادة التاريخ، فانه يريد تثبيت ما يعمل عليه من ادعاء شيء و تطبيق ما يؤمن به هو دون ذكره، ايانه يدعي الدولة العلمانية اسما العثمانية ملمحة و اسلامية سياسية اخوانية مضمونا و واقعا، كما كانت جمهورية علمانية اسما و قومية متطرفة وصلت الحال الى الشوفينية واقعا من قبل العسكر قبلا .
اي نحن نرى جمهورية اسلامية تركية بما تضمن و تعمل من اجل بروز سلطان العصر المشابه حتما لما يقابل الولي الفقيه الجمهورية الاسلامية الايرانية سلطة و مكانة، للننتظر ما تفعله المرحلة الجديدة المتغيرة من تركيا بجوهر و توجه مختلف في واقع تركي متغير سياسيا اجتماعيا و ثقافيا .