عماد علي: المراة ضحية نفسها اولا.
ارجوا الهدوء عند قراءة العنوان، كي نبين بوضوح ما نقصده من ان تكون المراة هي من اتعبت نفسها و ادخلت حالها في نفق الحياة المظلمة تاريخيا قبل اي شيء اخر، هذا بشكل عام و لكل قاعدة شواذ كما نعلم . و لا نعني هنا انها فقط هي السبب في ما وصلت اليه من دخولها المتاهات في جوانب عدة من حياتها لم تتمكن من الخروج منها حتى و بمساعدة الرجل ايضا، وانها نتيجة طبيعية لما هي عليه الان في كثير من البلدان الشرق الاوسطية بشكل خاص و ان كانت تعاني حتى اليوم كثيرا حتى في الدول المتقدمة، و ان لم نقس التقدم في اية دولة بما هي المراة فيها و مستوى حياتها كما يدعي البعض، وان كانت المراة اكثر حرية و مكانة في الدول الاقل تقدما من الاخرى التي تعاني منها المراة في العديد من الامور.
انني هنا لا اتكلم من اي خلفية شخصية خاصة في امر المراة اولا، و يجب ان لا يتخذ او تتخذ اي احد من كلامي نافذة في تصورات او توقعات في الحياة الخاصة و في امور تعني الكثيرين قبل ذاتي . لو تكلمنا في مراحل التاريخ باختصار هنا، و كما نعلم بان المراة كانت مختلفة في وجودها و حالها و موقعها و مكانتها من مكان لاخر اي كانت لها خصوصية لا تشابه الاخريات في امامكن اخرى، و هذا ما جعلها مختلفة عن البعض من حيث معيشتها و موقعها و دورها شكل عام، و كانت في الكثير من المراحل في حقبات تاريخية طويلة هي السائدة و المتسلطة، و كانت هي السلطة سواء ضمن العائلة الصغيرة او في حقبات و مراحل قليلة في الحياة العامة، و خسرت موقعها بفعل الضغوطات الاجتماعية و السياسية و المتغيرات العيدة التي كانت لغير صالحها من جوانب عدة، او نتيجة حروب متواصلة او خدع و حيل سواء من مثيلتها المراة او من الرجال و لم تكن هناك حقبات متعاقبة لحكم المراة متواصلة، و كانت هناك مراحل ربما ساعد الرجال بشكل و اخر في اعتلاء المراة في السلطة، او لظروف اجتماعية و منها خاصة بعوائل الحكام في حينه، و ربما لم تكن هناك من الرجال الموثوقين من هم يمكن ان يولون الامر، او في ظل عدم وجود رجل وريث ضمن العوائل المالكة . اما ما نخص ذكره هنا من السبب وراء ان تنحدر حياة المراة بشكل عام بعد مراحل معينة الى واقع غير ملائم لها، فانها كانت و بحكم حالتها الخاصة الجسمية و النفسية ( انها تقدر ان تسيطر على الفروقات البسيطة و تكون مساوية للرجل ان كانت على القدرة العقلية و الثقافية العالية ) و المثبتة علميا التي هي احد اهم اسباب تغيير مسارها و ان كانت في بداية امرها هي الاولى في التشاور و الحكم و اصبحت متعاونة و من ثم سحب البساط من تحت ارجلها في حياتها الخاصة و العامة، دون ان تتمكن من المقاومة . فهل كانت هي السبب الاول ؟ ربما يمكن ان نحدد بعض من الاسباب و منها:
*كونها لا تطيق في اكثر الاحيان مثيلاتها او حتى زميلاتها و صديقاتها في ابسط الاموراو ما يهمهن بشكل عام، و كما هي حالها حتى اليوم، كانت تولي امور خاصة و خطرة و حساسة بالرجل اكثر من مثيلاتها، بحيث تفعل ذلك و ان شكت و اعتقدت بانه يمكن ان تقلب الامر عليها بنفسها او بيد الرجال في الامور العائلية و الحياة العامة ايضا.
*كونها تثق بالرجل القريب و البعيد منها في امورها حتى الخاصة، و لم تكن تلتفت الى عقول اللاتي لا ينقصن عنها درجة في اي جانب كان، فانها اصبحت وحيدة في اكثر الاحيان بين معشر الرجال في الامور العامة، على الرغم من انها فعلت بنفسها مالا تتمناه يوما.
*كانت هناك حالات فردية خاصة بحيث اهتمت بالنساء اكثر من الرجال، و لا يمكن احتسابها على النساء جميعا في جانب امكانياتها في امتلاك زمام الامور العامة، لذلك كانت المرحلة التي ادارت الموقع مؤقتا، و ان لم يكن هناك فيبعض الاحيان في الظل رجلا كان يدير امرها و هي تحكم بشكل صوري لعدم ثقتها بنفسها، و العكس ايضا.
*لم تسمح المراة المتسلطة في المراحل تلك بنشر العوامل التي تؤدي الى الايمان و الثقة بالنفس بين زميلاتها، او لم تفكر في ان تكون المرحلة التي ظلت هي في الدرجة العليا من مرتبات الحياة الخاصة و العامة مساعدة لاحلال البديل المناسب بعدها.
*رغم كون البعض منهن قاسيات او كما عرفن هن انفسهن بانهن شبيهات الرجال في امور شتى و لم يقلن العكس، و هن من وضعن الرجال في المرتبة اعلى منهن و خدمن الرجل في تغاضيهن عما سيضرهن من ايدي الرجال، عملن عمدا في ان يكون الرجل بديلا لهن و اعتقادهن بانهم اكثر نفعا منهن في امور شتى الاجتماعية او السياسية او الاقتصادية منها .
*في بعض المراحل لم يثبتن جدارتهن في الامور العامة و ان ساعدهن الرجال في ما يخصهن او في اعتلائهن مسلة السلطة،سواء كان هذا نتيجة اسباب خاصة بالرجل الذي اخذ على عاتقه تلك الحالة و لربما من اجل عين حبيبة او عشيقة او زوجة او خت او ام او نتيجة جهود فردية لدى احداهن في مرحلة ما . او كان ذلك و لو نادرا نتيجة كون الرجل ينظر اليهن الى انهن في مرتبة عالية من المكانة سواء جاء ذلك نابعا من افكارهم وعقليتهم اعتقاداتهم و نظرتهم لهن و للحياة، او بعد ظروف طارئة اجبرتهم على العمل وفق ما يهم المراة في حينه .
هذا مع اسباب و عوامل اخرى تخصها هي بذاتها من الناحية الفكرية النفسية الجسدية، اضافة الى ما برز من الرجال ممن يتعامل مع المراة على انها ليست سوى الة و وسيلة خاصة بهالافي الكثر من الاحيان، سواء نتيجة الظروف التي فرضت ذلك على العقلية الرجولية ام من وضعها هي و قدرتها في التعامل مع الحياة.
لابد ان لا ننسى افكار و فلسفات و ايديولوجيات اصبحت حجر عثرة امام تقدم المراة و هي من وضعت العراقيل امام تساوي تقدمها من كافة الجوانب مع الرجال، اضافة الى بعض الاديان او اكثرها فيما يضمن من الفكر و النظرة الى المراة و ما يجب ان تكون عليه او مدى السماح لها في امور كثيرة تهم الحياة و تهمها هي ايضا قبل الرجل . و من الغريب انها استسلمت الى الامر الواقع و اصبحت خاضعة لم تدافع عن ذاتها بل هي من منعت و قاومت من يفيدها و يفديها و يقدم لها من الافكار النيرة من الرجال، لمجرد انها اصبحت في مستوى متدني من العقلية و ترتبت عليها المستوى المعين من التفكير بعد مراحل متلاحقة من الحكم التسلطي القوي لرجال الدين و من سلكوا سلوكهم في السلطات المتعاقبة و لحد يومنا هذا. اي انهن ايضا اصبحن اداة بيد من يضر بهن بشكل او اخر سواء علمن بما يجري لهن و اخضعن للامر الواقع و ما طلبت منهن او جهلا بما يجري لهن من جراء افعال ايديهن او ما يحملنه من خفض مستوى الثقافة و المعرفة لديهن.
لم تكن المراة في الكثير من المراحل بمستوى يمكن ان يصارعن الرجال في الوسط الخاص و العام، ايضا لامور نفسية او جسدية احيانا او لكسل او الارتضاء الذي كن فيه والتي هي من عاداة اكثر النساء و سلوكهن او ارتكانهن الى السلم و ان كان على حساب حقوقهن.
اذن كل هذا كاسباب ذاتية بهن، هي التي دعت ان تكون المراة على ما هي عليه الان من الحال التي يرثى لها، و ستطدم احيانا بجدار قوي بنته هي بنفسه خلال المرحلة ذاتها التي تعيشه و ليس من ارث و اثر التراث . مع ذلك فان التراث الشرقي بالذات فيه من العوامل الكثيرة لتحل من المراة محلا ام تكون مجرد كرة من العاطفة فقط، و كانها هي لا تليق بامور صعبة فكريا و نفسيا و جسميا في الحياة.
عند التمعن في امور المراة اليوم في ظل هذا الواقع و التغييرات التي شهدها العراق، لا نجد سوى ان تكون المراة في اسوا حالاتها و ليس لاسباب موضوعية بحتة و انما لانها هي السبب الذاتي في تحقيق ما يدعها ان تكون في المرتبة الاخيرة من ما يجب ان تكن عليه، على ارغم من الامور المظهرية التي ادعتها السلطة و كانها ساعدتها على ما هي عليه لتخرج من الحفرة و وقعت في البئر . فانهن خاضعات لامور الرجل في الحياة الخاصة و للايديولوجيا التي تضعهن في المرتبة الاخيرة و تدافعن عنها، و هن ارتضين قبل احد اخر لما اعطيت لهن و كشفقة بهن و كانهن تنتظرن ايدي الرجال دائما في منحن ما يهمهن دو ان يسعين الى المراد، و على الرغم من قبولهن لهذه الامور المخزية احيانا فانهن وفي بقائهن على المنوال ذاته لمدة طويلة قد اجبرن على التراجع ايضا . هذا ان ابعدنا الظروف الموضوعية و الاسباب الاخرى في دفعها الى ما هي عليه اليوم لعدم اتاحة المجال هنا للكلام فيها . و بهذا يمكننا ان نصرح و بثقة بان المراة هي السبب الاول في ان تكون الضحية، اي انها ضحية نفسها و بعمل ايديها.