عماد علي: ضرورات كوردستان مابعد رحيل القائد نوشيروان مصطفى.
هذا ما اعرفه عن القائد نوشيروان مصطفى، و اقول هذا و ليس تملقا او مصلحة خاصة كما هو المعلوم عند من یعرفنی؛ لم یكن لي ایة صلة به و بحركته من قريب او بعيد، و اقولها هنا و بكل صراحة ليتاكد الجميع بانه لم يكن يطيقني بل انتقدني بكل صراحة وبشكل جارح على ما كنت احمله من الافكار و التوجهات و الانتماء السياسي، و تكلم بما يضمر لي بوجود السيد كمال رؤوف رئيس تحرير موقع ( شار ) الالكتروني . الا انني اتكلم عنه كما اعرفه موضوعيا و ليس بناءا على ما انا اؤمن به شخصيا او ما احمل تجاهه شخصيا، و بالاخص لما كان له مواقف سلبية تجاه سكان خانقين محل ولادتي نتيجة امور شخصية تخصه هو و ليس اهالي خانقين.
المعلوم عنه بانه كان قائدا شعبيا بمعنى الكلمة، و نتيجة لسلوكه الشخصي الاجتماعي و السياسي و معايشته لجميع الطبقات بخصوصياته التي كانت مستندة على عمق تفكيره في الحياة و ايمانه بالواقعية قولا و فعلا. و ان كنا محايدين في قول الحقيقة تماما، يجب ان نذكر ايضا انه لم يكن معصوما طوال مراحل حياته، و انما نضوجه الفكري الكامل يعود لما اهتم به و قرره و طلب من رفاقه العمل به فيما بعد انتفاضة اذار الكوردستانية بشكل خاص، انتقل لمرحلة تطبيقية بعيدا عن ما فرضته ظروف الثورة المسلحة و ما تجلب معها من الامور العسكرية الخارجة عن الانسانية احيانا، انه عمل بما كان يؤمن به في قرارة نفسه, و ما كان يملكه من سعة ثقافته و خلفيته الفكرية الفلسفية و تاريخه و اهتماماته المقصرة على السياسة و الصحافة منذ نعومة اظافره و ما اكتسبه من الخبرات قراءة و نضالا طوال حياته.
حاول كثيرا في وضع قطار مسار السياسة على سكته الصحيحة، و هو في موقع مسؤلية عليا التي كانت ثقيلة على كاهله لما اعترض بكل قوة على ما كان خارج توقعاته و توجهاته، و واجه صعوبات و عراقيل داخل حزبه و من الاخرين ايضا، و لم يقف مكتوف الايدي من اجل العبور من المرحلة المتنقلة التي تكلم عنها كثيرا و تغيرها في القوت ذاته ايضا. و من اهم همومه كما اعلنه دائما هو ترسيخ المؤسساتية في الحكم المستند على الديموقراطية و العدالة الاجتماعية وتجسيد المواطنة كاهم المفاهيم التي تهم الشعب بشكل عام. على الرغم من عدم توضيح ما كان يؤمن به فلسفيا، لِما كان يعتقد بانه ربما المرحلة تتطلب عدم الخوض فيما يؤمن في قرارة نفسه، لما كان يعتقد بانه يمكن ان يتصادم مع الواقع و يحدث احتكاكات كبيرة يمكن ان تؤثر على حركته السياسية و تخفف من تاثيراتها العامة على الناس، او من جانبه شخصيا او التنظيم الذي انتمى اليه و الاخر الذي اسسه اخيرا باسم حركة التغيير، كل ما كان يهمه هو حياة الناس و الطبقة الكادحة و ما ثبت ذلك عمليا منه خلال اهتماماته و تعاملاته اليومية دون الخوض في النصوص الجافة، والتي اعتقد بانها لا يمكن ان تكون لها الاثر الكامل على المسار السياسي الاجتماعي الا ضمن حلقة و مجموعة معينة او نخبة ما على عكس من صارع معه طوال نضاله في هذا السياق.
انه كان سياسيا شعبيا له السمعة الطيبة من كافة الجوانب الشخصية الخاصة و الحزبية، و لم تُسجل عليه اية نقطة سلبية من اي جانب من حياته الخاصة طوال مدة نضاله و كان لديه من الحنكة المستفيضة، و هذا ما فرض ان تكون له درجة من الاحترام اعلى من اقرانه.
ان حلّه لعصبة كادحي كوردستان لم يكن اكراها لما كان يحمله هذا التنظيم بقدر ما كان يؤمن بان شعاراته ربما ليست بالواقعية التي كان هو يؤمن بها و يعتقد بانه الاصح للتطبيق، و كان سكرتيرا له طوال حوالي العقدين و تعامل معه بطريقته و فكره الخاص، و انه لم يكن يخفي يوما الكثير من نظرته و توجهاته الخاصة عن الساحة السياسية، و كذلك نسبة ايمانه بعصبة الكادحين، و اعتقد بداخله بانها من الشعارات التي لا يمكن ان تقاوم ما كان يحملها و يحويها الواقع و ما فيه، و كيف يمكن ان يخرج الشعب من نظرته المتوارثة من تراكمات تاريخه المتقلب، وعمل وفق طريقة ما يمكن ان يجعل من توجهاته في خير الطبقة الكادحة في نهاية المطاف عمليا، ودون التفوه نظريا عكس ما كان شخصه يؤمن به شخصيا و ما يحمله من الفكر و الفلسفة و العقلية السياسية التي كان يحملها، وهناك من الاضداد التي يمكن ان تؤدي الى ما تضر بهذه الطبقة في النهاية نتيجة عدم تلائم ما تحمله مع الواقع الاجتماعي، وكما حدث مرارا من قبل من استيراد ما لا يتلائم مع الواقع، و كان قائدا شعبيا بمعنى الكلمة، الذي ابدع في بناء الفكر النوشيروانية الكوردستانية.
و بعد رحيله، انه و بما يحمله الشعب الكوردستاني من الحالة العاطفية المسيطرة على افكارهم، وكما غير الواقع السياسي منذ تاسيسه حركة التغيير و ما قبله، فانه نقل الوضع السياسي الراكد الى مرحلة اخرى بعد رحيله ايضا . اي يمكن ان تتغير المعادلات الكثيرة داخليا . و هذا يتوقف على كيفية تعامل رفاقه و من هو بقدر المهمة الصعبة التي تقع على عاتقه و ما يمكن ان يتعامل به مع الوضع الكوردستاني العام بما كان يحلمه نوشيروان مصطفة بفكر و عقلية النوشيروانية الكوردستانية . استجدت على الساحة بعد الهيجان الجماهيري و ما برزت من مواقف القوى الكوردستانية المؤثرة و ما يمكن ان تؤدي الى طرق مختلفة و وفق العقليات و الاراء و المواقف التي تصدر من اطراف متعددة داخل حركة التغيير يدعنا ان نشك بقدرة قياداته الا قليلا منهم . و بطبيعة الحال ما يبرز من التعامل مع القضايا و مسببات الازمات الكوردستانية و ضرورات التي يجب ان تضعها حركة التغيير امام الاعين اكثر من النظر من زاوية صغيرة او بدافع ما تراكمت من المواقف السلبية نتيجة تعامل الديموقراطي الكوردستاني بتعنت و عنجهية مع مواقف التغيير و الخطوات التي اتخذوها بكل صلافة و عدم التفكير بعمق، و افرزت كل هذه الاسباب التي اوصلت الحال الى عمق من التازم المتعدد الجوانب و ادت الى تعنت حركة التغيير في كثير من الجوانب من جانبها ايضا.
يظن البعض انه قد ابتعدت ما كان يعتقد بانها خلافات شخصية تاريخية دافعة للمواقف المشتددة غير المحسوبة النابعة من ردود الافعال غير السليمة كما هو حال قرارات القيادات و الاحزاب الكوردستانية جميعها . و من هذا الجانب يمكن ان يتعامل الحزب الديموقراطي الكوردستاني اليوم بشكل مغاير كثيرا لما قبل رحيل القائد نوشيروان مصطفى . ان كان يريد تحقيق الاهداف الكبيرة التي يدعيها من حيث الاستفتاء و الاستقلال، عليه ان يقرر بشجاعة ما لم ينتظره الشعب منه و يتنازل لمصلحة الشعب و يتخذ خطوات يمكن ان يسهل من نجاح المهمات الانية الصعبة .
ان المنطقة بشكل عام في المرحلة التي هي على حافة تغييرات كبيرة، و بما تمس الشعب الكوردستاني و مستقبله، و يتطلب تحضيرات و تغييرات داخلية بما يمكن ان يدعم تحقيق الهدف الاكبر و هو الاستقلال . و لا يمكن ان ينجح حزب واحد او شخص او حركة في تحقيق المامول الا بتهيئة و تجسيد ارضية خاصة مطلوبة لتحمل كل الاحتمالات لما بعد القرار الصعب و من اجل استخدام المقومات الضرورية في تحقيق الهدف، ان كان الهدف كما يعلن حقيقيا و ليس تضليلا من اجل اهداف حزبية و شخصية ضيقة، كما يبين من الاشارات التي تتحدث عن اسعمال الاستفتاء كورقة في التفاوضات التي من المحتمل ان لا يكون الاستقلال من ضمنها.
من اهم ضرورات اليوم هو:
* الاختصار في الوقت للوصول الى التفاهم من قبل الاحزاب الرئيسية، من اجل عدم تفويت الفرصة المؤآتية التي لا يمكن ان نتوقع ان تعاد مرة اخرى في المستقبل القريب .
*محاولة حل الازمات بما امكن و بالاخص الاقتصادية التي اثرت بشكل كبير على حياة الناس و توجهاتهم و افكارهم و انتماءاتهم القومية المطلوبة بشكل قوي من اجل الدفاع عن دولة كوردستان المستقلة .
* المطلوب من الاحزاب و في مقدمتهم الحزب الديموقراطي الكوردستاني ان يدعوا الخلافات الكثيرة جانبا و يقدموا ما يعتبروها التنازلات من اجل الشعب على الاقل، و ا لا يضعوا ما يحملون من النرجسية و الانانية بان يدعوا و يعتقدوا بانهم يتمكنون من استخدام الهدف السامي وهو الاستقلال في سلة امجادهم التاريخية كما يعتقدون و يمكن ان يسجلها الشعب الكوردستاني لهم، وربما يقع على العكس تماما، و به يضيعون المجد و التاريخ و تحقيق الهدف من اساسه على نفسهم و الشعب ايضا .
* يمكن ان يفعّلوا اهم مؤسسة ديموقراطية في كوردستان بالسرعة المطلوبة من اجل انقاذ سمعة كوردستان و تضحياته الكثيرة في تاريخها، و هذا يتوقف على المواقف العقلانية لجميع القوى الكوردستانية، و الانقلاع عن التعنت السياسي و ما يمكن ان يسموها عزة النفس و الكبرياء الحزبية و الشخصية النابعة من مثاليات الشرق الخالية من اعمدة ضمان المصالح العامة .
* تحديد الاولويات الملحة المطلوبة العمل عليها في هذه المرحلة المتنقلة بالذات و التي اجدها في:
ا- اجتماع موسع للقوى الرئيسية كافة من اجل تبديد الشكوك لدى الشعب و عدم الثقة المثبت في كيانه و سلوكه امام البعض على الاقل.
ب- اولى الاولويات تفعيل البرلمان بشكل فوري دون شروط مسبقة.
ج- الاعتذار من الشعب الكوردستاني على افعالهم و طلب السماح و اتخاذ خطوات على الارض من اجل اعادة الثقة بهم لاداء المهمة الصعبة المنتظرة منهم .
د- توحيد كوردستان الجنوبية على الارض وليس بالشعارات و الاداعاءات المخالفة للواقع و من خلال الخطوات العملية من كافة الجوانب.
ج- اتخاذ القرارت التي تهم الشعب في الصميم و هي حول محاربة الفساد و المافيات الحاكمة المتسلطة.
ربما يعتبر البعض ان الاقتراحات خيالية،لان الجهات و سلوهم و تصرفاتهم البعيدة عن المصالح العليا معلومة للجميع، الا انه بدون هذه الخطوات لا يمكن ان نتوقع ولو نسبة قليلة جدا من النجاح في الامور الاستراتجية العامة التي نحن بصدد تحقيقها، و هي تحتاج الى تمهيد و ترسيخ الارضية الملائمة لها . فلنراقب ما يفعلون.