عماد علي: نعم للاسفتاء في اقليم كوردستان.
على العكس مما ينادي به بعض الزملاء من الوسط الثقافي لمقاطعة الاستفتاء لاعتبارات و عوامل ذاتية و موضوعية, سواء اخلاصا منهم للقضية الكوردية و ايمانا منهم لماهو الافضل لهذه المسالة و بالاخص في اختيار الوقت و التحضيرات الضروية لمثل هذه العملية التاريخية المصيرية الصعبة، و اقتناعا بما لديهم من الحجج لعدم الوقوع في الاسوا او الانحدار نحو الهاوية، هذا لدى البعض منهم، اما الاخرين فانهم لا يؤمنون بهذه الحقوق و يدعون العكس و موقفهم نابع من خلفيتهم الفكرية العقيدية التي تربوا عليها سواء كان حزبيا او مجتمعيا. اقول ان الاستفتاء في مثل هذه الظروف المعلومة لدينا و من علمنا بعدم مثاليتها و انعدام الارضية الامثل لاجراءها، الا اننا مقتنعون بان اجراء العملية افضل من عدمها لاسباب كثيرة يمكن تلخيصها فيما ياتي:
1- لا يمكن ان يجد الكورد ظروفا اكثر ملائمة مما نحن فيه لما نعلمه من الواقع الاجتماعي الثقافي التاريخي الجغرافي للعراق و الدول التي توزع عليها الكورد قسرا.
2- عدم تمخض الظروف الموضوعية العامة للمنطقة و ما فيها من المعادلات بما يمكن ان تناسب لاجراء عملية مهمة لشعب عانى من الامرين طوال العقود، و لا يمكن ان يتمكن الكورد اجراء مثل هذه العملية المصيرية في حال استتباب الامن و الاستقرار او السلام الدائم في المنطقة، لان اعداء الكورد متفقون على ان يقفوا ضد امال و اماني الكورد و ان كانوا في قمة خلافاتهم في اي مرحلة كانت.
3- لا يمكن ان نعتقد بان تتحول الدول و شعوب المنطقة الى مستوى من الثقافة و الانسانية بحيث يمكنهم ينظروا الى حقوق الاخر انسانيا و سياسيا واجتماعيا بعقلية ديموقراطية تقدمية حرة.
4- لا يمكن ان نعتقد بان المستوى العام للشعوب ثقافيا قد تتحول بين ليلة و ضحاها الى ديموقراطية تنظر الى الاخر بعين متساوية الحقوق بسرعة فائقة او في غمضة عين و هي تتصف بما لا يدعنا ان نعتقد بانه تبقى متخلفة لعقود طويلة اخرى، و بالاخص نحن نعيش في خضم التقاطعات الثقافية و سيطرة التراكمات التاريخية من العادات و التقاليد و في ظل سيطرة واقع القوميات السائدة و الاخرى التابعة.
5- اننا لا ننتظر ظروفا ذاتية افضل مما نحن فيها داخليا، لما نتصف نحن ايضا بسمات داعية الى الشقاق و في حال انعدام قيادة حكيمة او غياب مرجعية جامعة و موحدة للشعب الكوردي.
6- في حال وصلنا الى نهاية مرحلة سيطرة داعش، فان الواقع يتغير و ربما نجد انعطافة كبيرة من حيث وضع العراق بشكل خاص، بحيث يمكن ان يرضخ بشكل اكبر للنفوذ الخارجية و يقع تحت نير القوى الخارجية التي لا يمكن ان يفسحوا مجالا لمثل اسفتاء عام للكورد في تحديد مصيرهم في اية مرحلة مستقلا.
7- التراجع في اجراء الاستفتاء سيؤدي الى نكسة قومية و انكسار في لروح المعنوية العامة للشعب الكوردي في تحقيق اماله التاريخية التي يؤمن بها الجميع و دون استثناء.
8- و ان كان اعلان عملية اجراءالاستفتاء في حقيقته نابعا من اهداف حزبية ضيقة و مدفوعا من القفز عن الازمات الداخلية في صلب تفكير الحزب الذي يدعيه، الا ان اجراءها افضل في النتيجة لما يمكن ان ينتقل الكورد بها الى مرحلة اخرى مغايرة يمكن ان تتغير الاهداف الداخلية فيها، بحيث يمكن ان يبدا النضال الداخلي غير المقيد في حينه لتغيير نقاط الحمر لدى الشعب الكوردي.
9- اجراء الاستفتاء سيضع القيادة امام مسؤلية كبيرة لا يمكن للقيادة الكوردية تناسيها او التملص منها في هذه المرحلة بالذات او مستقبلا، و سيكون انتقالة نوعية لما يمكن ان يجري في كوردستان بشكل مغاير جدا لما نحن فيه من كافة النواحي.
10- لا يمكن ان تكون الخسارة في حال اجراء عملية الاستفاء اكثر من عدم اجراءها، لان في نهاية الامر سيقع التملص و التردد منها على حساب الهدف الاهم و الامثل للشعب الكوردي و لا يمكن لاية جهة ان تتحملها.
11- اجراء عملية الاستفتاء في ظروف غير ملائمة و ان كان في جو لم يتمهد او يتهيا لها المستلزمات افضل من الخوض في حروب داخلية و التصادم و الخلافات الاكبر لدى القوى الكوردية الداخلية من جهة و مع القوى العراقية و الاقليمية المحتملة بعد الانتهاء من داعش في المرحلة القادمة.
12- هناك امثلة عالمية على هذه العملية وان لم تنجح الكثير منها و لكنها لم تضر في نهاية الامر بالشعب صاحب العملية في اية منها، و لكن نجحت الكثير منها ايضا و استقل البعض و اصبحوا صاحب دولة مستقلة و ظروفهم لم تكن افضل بكثير من اقليم كوردستان.
13 – ان كان الهدف من اجراء العملية مجرد ورقة تفاوضية و ان كان لجهة معينة فقط و من اجل الهدف الحصري الضيق به ذاتيا دون الشعب الكوردي، فلا ضير فيها ان كانت تؤدي الى افضل السبل للانتقال الى مرحلة افضل مما نحن فيه الان تدريجيا، و به يمكن تغيير الامور بسواعد افراد الشعب دون التشكك في تدخلات خارجية.
14- ان لم يكن هناك املا في التعايش السلمي بين مكونات العراق مهما ادعى البعض العكس، فان افضل وسيلة هو ضمان مستقبل الفئات و المكونات باية طريقة كانت و ان كان الكورد صاحب المقومات الرئيسية لما يهدفون، فليس من المعقول ان يضحون من اجل مَن لم يقدّرهم او ينصفهم لحظة في تاريخهم.
15 – ملخص الكلام، ان كانت نسبة النجاح اقل ما يمكن ان نتوقعها و نسبة الاستفادة اكثر ما يمكن توقعه فان اجراءه افضل مهما كانت النتائج.
اذن، استنادا على هذه العوامل و اخرى كثيرة لا يمكن سردها هنا جميعا، فاجراء عملية الاستفتاء في اقليم كوردستان افضل و افيد من عدم اجراءها تحت اية حجة او سبب او ادعاء كان.