ئامانج ناجي نقشبندي: سامویل كولت و موقع الفیس بوك.
المخترع الٲمریكي المشهور سامویل كولت (1814-1862) الذي ٳخترع مسدساً سمي بٳسمه و حصل علی براءة ٳختراع في كل من بریطانیا و الولایات المتحدة الامریكیة، و المسدس الذي صنعه كان سلاحاً یطلق النار بصورة متكررة ٲو مما سمي حینها بالمسدس الدوار.
وٲنا اقرٲ موضوعاً عن المخترع المذكور الذي احدث ٳختراعه تغییرا جذریا في مفاهیم العلوم العسكریة و مجریات العدید من الحروب بدایة ٲثناء الحرب الامریكیة مع المكسیك في عام 1847 ٲو الحرب الاهلیة في امریكا بین الشمال و الجنوب بعد ذلك بسنوات، ٲثار ٳنتباهي تصریح له بعد صناعته لذاك السلاح القاتل حیث قال (الیوم یتساوی الشجاع و الجبان).
وٳن قرٲنا كلامه بتمعن و تذكرنا زمنا كان فیه المتنافسون یواجهون بعضهم بعضاً بالسیوف و النصال و قارننا بین الموقفین سنری ٲنه اصاب كبد الحقیقة، ولكن قد یتساءل البعض ما الذي یمكن ٲن یربط بین كولت مخترع المسدس والذي توفي قبل حوالي قرنین من الزمن و مواقع التواصل الٳجتماعي بشكل عام و الفیس بوك بشكل خاص، و ٳذا عرف السبب بطل العجب، فالیوم نعاني من نفس المفارقة و لكن بٲسلوب یتماشی مع روح العصر و القرن الواحد و العشرین. حیث لم یعد هنالك مقارنة بین شخص شجاع و آخر جبان، الیوم و علی صفحات التواصل الٳجتماعي والفیس بوك ٳتخذت المقارنات صوراً و اشكالاً ٲخری حیث اصبح المفكر و الفیلسوف و الدیب و المثقف و السیاسي المحنك و حملة ٲرفع الشهادات منزلة و اصحاب العقول النيرة امام شاشة الكومبیوتر، اصبح مع الاسف الشدید حالهم حال اصحاب التعلیم المحدود و حتی الجاهل و الصبي المراهق بواسطة صفحة علی احدی هذه المواقع بٲسم معین و صورة معینة ٲو حتی في الكثیر من الاحیان بصور وهمیة و اسماء مستعارة. فنری جاهلاً و بكبسة زر ٲو عن طریق تعلیق بلا معنی لا یخلو في اغلب الاحیان من السب و الشتم و القذف و التشهیر و التطاول وحتی التخوین، بسطر واحدمليئ بالٲخطاء اللغوية و الٳملائية و باسلوب طفولي سمج یحول علم العالم و فكر المفكر و الفیلسوف و ادب الادیب الی لا شيئ وكل هذا بلا رقیب و لا حسیب، وكما قال حینها سامویل كولت بالامس تساوی الشجاع و الجبان و الیوم یتساوي مع الاسف العالم و الجاهل.
ففي هذا العالم الٳفتراضي ٳختفت فیه الكثیر من المقامات و المسافات لیصبح العالم و الخبیر و المفكر و النخبة في المجتمع (وعذراً للكلمة) العوبة لمن هم ادنی منزلة و رفعة و علماً و حلما و فكراً و ثقافة، و ادباً و اخلاقاً (بمعناه الدارج)، و رٲینا هذا واضحاً و جلیاً هذه الظاهرة في الوضع الراهن الذي مررنا به في اقلیم كوردستان قبل و اثناء و بعد ٳجراء الٳستفتاء، و ذلك الكم الهائل من الٳهانات و السب و التخوین و الٳتهام بالعمالة و بٲسلوب بعید كل البعد عن الحضارة و الرقي و الادب.
و بالٳضافة الی ذلك اصبحنا نری الیوم ٲفكارا تتهاوی و قیما تتناثر و نقاشات عقیمة و جدلا بیزنطیاً لا نهایة له ، اصبحنا بفضل الفیس بوك و المتملقین علی صفحاته امام جیش من ابطال من ورق ، و ٲشباه المثقفین، و اقلاماً مٲجورة تكتب و تمدح و تتملق لمن یدفع اكثر ، بالٳضافة لجیش من مثقفي الٲحزاب مقابل رواتب و كراس و مناصب و مزایا.
و الكثیر من المثقفین (لكي لا نعمم) كم یعودوا كما كنا نقرٲ عنهم ٲو نتوقع منهم، فلم یعد ٲحد اهم واجبات المثقف برٲيي المتواضع ٲن يتنبٲ بالمشاكل و المعضلات التي تواجه المجتمع و یجد لها حلولا ناجعة ٲو علی اقل تقدير ٲن یتصف بالحكمة اللازمة عند الازمات بشتی انواعها سیاسیة كانت ٲو اقتصادية ٲو اجتماعية. و تقدیم النصح و المشورة و الرٲي السدید للحكومات و ٳداراتها، ولكن المٲساة الحقیقية ٲنا نری طوابیر المتملقین و اشباه المثقفین علی ابواب هذا الحزب ٲو ذاك، هذه الشخصية السیاسیة ٲو تلك، یطلق التصریحات علی شاشة القناة الفضائیة التابعة للزعیم الفلاني ٲو المنظمة الفلانية، ٲو یمجدون هذا السیاسي النافذ ٲو ذاك الثري المتعجرف دون وازع من ضمیر ٲو مانع من مبدٲ ٲو معتقد . لذلك وفي ظل هذه الظروف لابد من وقفة و تفكر و تمعن لتصلیح ما تم افساده، لابد من ٳعادة تسمیة الامور بمسمیاتها ، لابد من ٳعادة العربة الی مساره الصحیح، لیصبح المثقف مثقفا و یوضع بموقع یستحقه و یصبح الادیب ٲدیبا و یحترم اصحاب الآراء السدیدة و الاصوات المتزنة و الملتزمة، و یوضع الاصحاب الفكر في مكانهم الحقیقیة، كما یجب تعریف الجاهل بمكامن جهله و المساعدة في الٳصلاح ٲمره، وعمل كل ما یلزم لمراجعة التعریفات و التصانیف لیكون بالٳمكان تعریف الابطال الحقیقیین، لیتوقف ٲشباه المثقفین عند حدودهم ممن یدّعون الفكر و البطولة و الاخلاص و النزاهة و الوطنیة وهم في الحقیقة لیسوا اهلاً لا لهذا ولا ذاك، لكي نمنع الٲذی (الفكري و المعنوي و لیس الجسدي) عن المثقف و المفكر والفیلسوف و كل القامات العالية، للوقوف بوجه ٲقزام الفیس بوك و الجهلة من مقارعة المخلصین الحقیقیین، هذا ٳذا ٲردنا ٲن یكون الغد، المستقبل اكثر ٳشراقاً و جمالاً و مفعماً بالٲمل.