عماد علی: نتیجه الاستفتاء لا یمكن تجاوزها حتی باحتلال كوردستان باكملها.
الحقیقة الماثلة امام اعین الناس هي ان الاغلبیة الساحقة من الشعب الكوردستانی یاملون و یهدفون لاستقلال كوردستان و يضحون من اجله بكل ما لديهم و برهنوا على ذلك في الاستفتاء التاريخي غير المسبوق في المنطقة.
ليس لنا هنا ان نصف ما مررنا به منذ ايام من النكسة العسكرية و احتلال لارض دون ان يتمكن احد من سرقة احلام امة. و لكن ان اردنا ان نقيّم الواقع الكوردستاني و خيبة الامل التي كان من المتوقع ان يصيب بها الكورد كانت نتيجة طبيعية متوقعة لما كان عليه من هشاشة الوضع الداخلي و سيطرة الخلافات الحقيقية بين المتسلطين و الطمع الشخصي نتيجة تسلط عائلتين فاسدتين على اقليم كوردستان بكل معنى الكلمة. لا نريد ان نتكلم عن الظروف الموضوعية و سيطرة قاسم سليماني على تحركات العراق و جزء من سلطة كوردستان و ضغوطاته كممثل للحرس الثوري الايراني الحاكم في العراق و الحشد الشعبي التابع له. عشائرية حكم السلطتين في كوردستان هو العامل الرئيسي في كل ذلك الخراب الذي يصيب كوردستان منذ عقود، و اليوم اوصلوا الحال الى التعدي على الخط الاحمر لما بعد امال الامة الكوردية و الدماء التي سالت في طريقها. ان الخط البياني للوصول الى تحقيق الهدف اختفى تماما نتيجة التنافس و التعادي بين القوتين المتواصلتين منذ بداية الانشقاقات التي بدات في رحم الثورة الحقيقية الجماهيرية في عقد الستينيات و السبعينات في كوردستان. الكورد متعودون على تبديد الفرص السانحة التي تاتيهم احيانا فيما بين العقود التي يظلون راضخين تحت الاحتلال في الدول الاربع التي الحق بهم الكورد قسرا و اجحافا بحقوقهم الطبيعية.
من كان مع الاستفتاء و طالب بعدم رفضه و الادلاء بنعم، لم يكن يريد ذلك من اجل سواد عيون السلطة بشقيها في كوردستان بل ايمانا يحقوق الامة الكوردية في الاستقلال و تحقيق اهدافهم الحقة. و مع موافقتهم و تاييدهم للاستفتاء كانوا يعلمون بانعدام الارضية و حجم الفساد و القوة التي تريد ان تنظم الاستفتاء و اهدافها الضيقة من ورائها و ما تحمل بعيدا عن الهدف السامي الذي استهدفته عملية الاستفتاء, انهم على يقين بان السسلطة المنقسة على نفسها في كوردستان ليست نزيهة و لم يبنوا جماهيرية حقيقية نتيجة لما كانوا يتمتعون به من السلطة العشائرية الفاسدة و ينقسموها بين العائلتين و اجيالهم في السليمانية و اربيل. و مع ذلك لم تنبثق معارضة نقية صافية و كل ما بدر من بعض الشخصيات و انبثقت قوى كانت نتيجة اجتهادات شخصية و لم تدعمها الارضية و الثقافة العامة و عصارة الفكر القومي الكوردي و كانت تلك المعارضة من خلفيات هاتين السلطتين و من الدارسين في مدرستهما اضافة الى مجموعة الشباب بعيدة عن الخبرة المطلوبة و طائشة الافكار و التصرف و العمل على الارض غير مقدرين للتجارب و هم يسلكون بعض الطرقات باخلاقيات المراهقة التي لا يمكن ان تتحملها كوردستان و قضيتها الكبيرة المعقدة.
مع كل هذا الذي كان يعرفه الجميع عن السلطتين في كوردستان فان الشعب الكوردستاني ادلوا باصواتهم لاستقلال كوردستان باكثرية ساحقة املين في تحقيق الهدف السامي من اجل بناء ارضية راسخة و بداية و ان كانت معقدة لازاحة الفساد بثورة شاملة في دولة مستقلة غير قابلة لتدخل الاخرين فيها بعد تحكم الحدود عليها.
السؤال الذي يبقى و يستمرلحين تحقيق الهدف هو؛ هل يمكن تجاوز نتيجة الاستفتاء و ان بقت كوردستان لقرن اخر راضخة تحت الاحتلال و هل يمكن اعتبار الاستفتاء لم تكن، ام لا يمكن ان تكون هناك قوة قانونية او سياسية او عسكرية قادرة على رفض هذه النتيجة في اي وقت كان مهما تبجح السلطات الرافضة لهذا الحق, و ستبقى العملية و نتيجتها ماثلة امام كافة السلطات و القوى السياسية ليست في المنطقة و انما في العالم باجمعه.
و عليها ان كنا واقعيين و من يحكم العراق قبل الجميع ان يفكر بما هو الموجود و ليس نشوة النصر العسكري المؤقت الذي مرت كوردستان بها كثيرا, و هذا ما فيه الكورد اليوم ليس اكبر من نكسة السبعينات و ما بعد الانفال و ضرب الحلبجة بالاسحلة الكيميائية. الا ان ما لم يفكر به العبادي و السلطة الان في العراق هو انه هو البادي في سكب دماء الكورد بايدي المذهب الشيعي الذي يمكن ان يعيد التوازن للكورد في تعاملهم مع مكونات العراق ليس بناءا على المظلومية المشتركة و انما على المصلحة و البراغماتية ولن يكون فيه المتضرر الاكبر الا السلطة المركزية التابعة لحد اليوم للجهات الخارجية. فالاستفتاء باق و نتيجته لا يمكن محوها و لا يمكن تحاوزها من قبل احد و حتى ان اجبرت السلطة الكوردستانية على رفضها بشكل تحريري و ان وقعت على اتفاقية الاستسلام كخيمة سفون مابعد تحرير الكويت. فلا يمكن لاحد ان يمحوها في قلوب من ادلوا باصواتهم و تبين للعالم مدى تلهف الكورد و شوقهم لبناء دولتهم السمتقلة و ان بقوا بدونها لقرن اخر يرزحون تحت ظلم الاحتلال من قبل اي طرف كان. اما الواقع فان نصر العراق على الكورد فهو مؤقت و يمكن ان تمر السلطة بنسويقها لايام و اشهر و ان يحصل العبادي على افرزاته و معطياته في الانتخابات العامة و لكن الاهم هو خسارة السلطة التي تتالف من الاكثرية الشيعية لاهم مرتكزاتها مستقبلا و لا يمكن ان يحسب نصرا استراتيجيا كما يعلمه الجميع بل ضربة قوية لما تهدفه السلطة العراقية و من ورائها من القوى الاقليمية و العالمية . و الاستفتاء و نتيجتها باقية و تتمدد دلالاتها و معطياتها ومبررات تحقيق اهدافها, ستتحقق نتيجتها اليوم كان ام غدا.