ئامانج نەقشبەندی: الكورد و طائر الفینیق، قصة الموت و الحیاة.
هذه لیست المرة الاولی و بالتٲكيد و بالٲخذ بنظر الاعتبار الاجواء المشحونة و المتوترة في المنطقة. لن تكون المرة الاخیرة التي نتحدث فیها عن قدیم یتجدد، عن مظلومية الشعب الكوردي وخلافه مع جیرانه بشكل عام، اخوته في الٳنسانية و الدین و العقیدة، و الذي حولوه بمرور الوقت الی صراع بین بقاء و فناء، و الخلاف الكوردي العربي بشكل خاص. و العجب كل العجب من بعض الاخوة و السادة المحترمون الذین یرون الحقائق واضحة وضوح الشمس في كبد السماء و لكنهم یكابرون و لا یعترفون بالحقائق كما هي و یتعامون عن النظر الیه لمجرد مخالفتها مع معتقداتهم و آرائهم و قناعات شخصیة تربوا علیها، بل لا یكبدون ٲنفسهم عناء السؤال لفهم كل ما حدث في الماضي من مشاكل و مآسي والعمل علی عدم تكرارها مستقبلاً، تناسوا ان هنالك شعبا له حق في الحیاة و قضیة عادلة و مشروعة.
و بالمقابل قضية دولة تٲسست بموجب الٳتفاقیات بین الدول الٳستعمارية كٲغلب دول المنطقة بعید الحرب العالمية الاولی، دولة قال عنها ٲول ملوكها المغفور له فیصل الٲول (لا یوجد في العراق شعب عراقي بل توجد تكتلات بشرية …)، ثلاث ملوك هاشمیین حكموا لٲكثر من ثلاثة عقود بقلیل، وانتهی عهدهم بٲبشع صورة وكالعادة في العالم العربي بٳنقلاب عسكري سموه ثورة علی عملاء الاستعمار؟! لتبدٲ مٲساة شعب و تستمر الی ٲن یشاء الله.
وبالعودة للحدیث عن قصة الكورد، قصة مریرة لشعب جربوا ٳعدائه ضده وعلی مدی عقود و عقود من الزمن كل انواع القتل والتنكیل، قضیة الظالم و المظلوم ، ٳشكالیة طمس الهویة و الٳقصاء و التهمیش، حكایة جرائم التطهیر العرقي و الٳبادة الجماعية، صراع البقاء بین معتدي مدجج بٲنواع الاسلحة و معتدیً علیه اعزل بلا حول ولا قوة ، والشعب الكوردي ٳذ یستذكر مآسیه علی ایدي الحكومات العراقیة المتعاقبة فٳن آخر شيئ قد یتبادر الی ذهنه هو تحویل تلكم المآسي و الجرائم التي ٳرتكبت ضده الی مندبة تٲریخية لغرض ٳستجداء العطف من حكومات و شعوب العالم و المجتمع الدولي و بالتٲكید لسنا نفكر بٳبتزاز العالم برمته كما فعلت اسرائیل منذ ٳنتهاء الحرب العالمیة الاولی و جرائم الهولوكوست في المانیا النازیة، بل ما یهم الشعب الكوردي ان لا تكرر هذه الجرائم النكراء في ٲي زمان و مكان، ولا تفكر ایة اغلبیة دینیة ٲو عرقیة ٲو مذهبیة ٲو آیدیولوجية في تغلیب عقلیة القوة علی قوة العقل و المنطق، و التصرف من منطلق القوي و الضعیف و شریعة الغاب، وٲخذ الدروس و العبر و التعلم من مجریات التٲریخ و التمعن بمصیر الطغاة في كل زمان و مكان، و نستذكر اكثرهم بطشاً و ظلما و كیف كانت خاتمتهم و نكتشف كیف ینظر الیهم الآن ؟ بدٲ من جنكیزخان و حفیده هولاكو مروراً ب (لیوبولد) ملك بلجیكا و ستالین و هتلر و ٳنتهاءً ب (بول بوت) زعیم الخمیر الحمر في كمبودیا ، دون ٲن ننسی جرائم عصابات الهاغاناه و الشتیرن في عشرینیات و ثلاثینیات القرن الماضي ضد الفلسطینیین.. و كل ٲو جل هؤلاء قتلوا الابریاء ٲثناء وجودهم في السلطة و ٲو تمتعهم بالنفوذ و القوة و السلطة في فترات تعتبر اكثر الفترات سوداویة في تٲریخ البشریة، وقد لا نبالغ ٳن قلنا ٲن ما قام به النظام البعثي بقیادة صدام حسین تجاه الشعب الكوردي المسلم علی مرٲی و مسمع العالم المتحضر و الدول العربیة و الٳسلامیة (سموا ما شئتم من مسمیات) في الربع الاخیر من القرن العشرین و بمباركة رجال الدین و بالٵستناد الی آیات قرآنیة و فتاوي ما ٲنزل الله بها من سلطان، جرائم ٲقل ما یقال عنها ٲنها ترقی الی مستوی التطهیر العرقي و الٳبادة الجماعیة، مثل ٳستخدام الاسلحة الكیماویة المحرمة دولیاً و التهجیر القسري و الموت البطيئ و التعریب و التبعیث، و بمقارنة جرائم الحكومة العراقیة ضد الشعب الكوردي المسلم مع من سبق ذكرهم من الطغاة و الجبابرة لا یسعنا الا ان نقول حسبنا الله و نعم الوكیل ، تتعدد الاسباب و الموت واحد.
لا ادري كیف و لماذا و لكن عند كتابتي لهذه الكلمات و انا استذكر كل تلك المصاعب و الاهوال التي مرت علي الانسان كوردي تذكرت اسطورة طائر الفینیق الذي یحترق عند شروق الشمس و یستحیل رماداً و یعود الی الحیاة مرة بعد ٲخری.
ولكن الاشكالية في الكثیر من الٲحیان تكمن في عقلیة الطرف المقابل (الآخر) ففي الحقبة الاستعماریة بدایات القرن العشرین و في المغرب العربي علی سبیل المثال ٳرتكبت كل من ٳیطالیا و فرنسا جرائم یندی لها جبین الٳنسانية ضد الشعبین اللیبي و الجزائري ولكن تلك الحقبة السوداء ٳنتهت بالٳستقلال و زوال الٳستعمار بل بتقدیم ٳعتذارات رسمية لتلك الشعوب ولو بعد حین، فعندما یتعلق الٲمر بالجار و الاخ في الانسانیة و الدین و المذهب و العقیدة و الشریك في الجغرافیا و تٲریخ فلا ٳعتذار و لا ندم من(الآخر ) فتلك ثقافة لم یتعلموها بل لازال لسان حالهم یقول (سنذبحك ایها الكوردي كما فعلنا بالٲمس و سنعاود الكرة غداً و سنمنعك من ٲن تصرخ من الالم ) وعند الآه و الشكوی یتهمون الضحیة. القتیل المغلوب علی ٲمره بالغلو و الكراهية و العنصرية.
و في كل مرة ٲرادوا قتلنا و تهجیرنا و سلبنا و نهبنا و ٳحراقنا ٲحیاء رفع الزعیم الاوحد و الخلیفة و السلطان و ضل الله و روحه علی الارض و الرئیس و قائد الضرورة و ٲذنابهم رفعوا القرآن الكریم و كبروا تكبیراً، وتعالت الصیحات و توالت سور الفرقان واحدة تلو ٲخری، بدایة بالانفال و ٳنتهاءً بالفتح؟! و كٲن الكورد من بقایا كفار قریش. دون ٲن ننسی سماع اصوات كانت تنادي بثارات الحسین في احداث 16 اكتوبر المنصرم في كركوك و الدووز فصار الكوردي دون ان یشعر من خوارج العصر الحدیث، وكان هذا یكفي لنكتشف بٲن الكثیر من اخواننا في الانسانية والدین و الوطن لم یكونوا حتی قریبین من ان ینطبق علیهم قوله تعالی (خیر ٲمة ٳخرجت للناس.) و مرقوا من الدین كما یمرق السهم من الرمية.
ولكن و بالرغم من كل تلك الجرائم التي ٲرتكبت واصبحت وصمة عار علی جبین مرتكبیها و رغم كل ما جری و لا زال یجري، ظل الكوردي متمسكاً بمبادئه و ٲخلاقه و طیبته الفطریة، لازال یؤمن بٲنه بالٳمكان طي صفحة الماضي و بدء صفحة جدیدة شریطة ٲن یؤمن الآخرین بعدم جدوی سیاسة الٳلغاء و الٳقصاء و التهمیش و ٳن كان هذا صعباً نظراً لخبرات متراكمة لعقود و عقود بعقلیة الطرف المقابل.
فالٳنسان الكوردي لیس في العراق فقط بل في المنطقة بٲسرها كان معرضا دوماً للٳبادة و القتل و التعلیق علی اعواد المشانق. قتلوا الحلم الكوردي ایام الغدر السوفییتي في جمهوریة مهاباد بقیادة الزعیم الشهید القاضي محمد و لكن الكورد لم و لن یموتوا والشمس تشرق دوما في یوم جدید.
ومرت الایام و السنوات و توالت المؤمرات و هذه المرة كانت اتفاقیة الجزائر منتصف سبعینیات القرن الماضي بین العراق و ایران بمباركة امریكية للقضاء علی الحركة التحرریة في كوردستان العراق بقیادة المغفور له مصطفی البارزاني قضوا علی الثورة و الحلم مرة اخری و خسرنا معركة و لم نخسر الحرب، ولم تتوقف محاولات القضاء علی الشعب الكوردي و توالت الحروب و الاهوال ولا تزال ریاح القتل و الغدر و الشر تهب من كل الجهات و تحاك الدسائس ضد الكورد من كل حدب و صوب و لایزال الكوردي یطعن كل یوم ، علموه معنی القنابل الفوسفوریة في مدینة قلعةدزة، قتلوا ابناءه في بارزان و ٳحرقوه و ٲنفلوه في قری گرمیان و ٲذاقوه روائح الموت في حلبجة و بهدینان، بالٲمس كانت جیوش الظلام تغتال البسمة في كوباني و سنجار و كركوك و الیوم یغیرون اقنعتهم و یحاصرون اطفال عفرین، و یبقی الٳنسان كوردي حیا بالرغم من انهم یقتلونه كل یوم منذ الٲزل، بید ٲن ٲسطورة طائر الفینیق لیست مجرد ٲسطورة فیوجد هنالك حتی و لو كان تشابها رمزیاً ٲو معنویاً و اعتباریاً بین نضال الٳنسان الكوردي من ٲجل الوجود و انبعاث الحیاة في رماد الطائر الٲسطوري و عودته مرة اخری.