ئامانج نەقشبەندی: شعارات مقتدى الصدر أم مقتدى الصدر الشعارات.
من الغباء تكرار نفس الشيئ عدة مرات وتوقع نتائج مختلفة.. ألبرت أنشتاين.
الإنتخابات الأخيرة والتي جرت في العراق في الثاني عشر من الشهر الجاري لإختيار أعضاء المجلس الوطني ، سجلت عليها ملاحظات كثيرة و جلبت مناقشات وسجالات و حتى إتهامات كثيرة ، لعل أبرزها عمليات التزوير و القرصنة واسعة النطاق في عموم العراق لمصلحة قوائم بعينها مقربة من دولة معينة و مطالبات من هنا وهناك بداية بإعادة فرز الأصوات يدوياً ، ومن ثم المطالبة بإلغاء نتائج الإنتخابات برمتها و محاسبة المتورطين في عمليات التزوير و القرصنة الالكترونية ، و مسائلة المفوضية العليا للإنتخابات في العراق على هذه المهزلة التي سميت بالإنتخابات الديمقراطية النزيهة ؟! …
بالإضافة الى مفاجآة من العيار الثقيل تمثلت بسقوط العديد من الأسماء والوجوه المألوفة في العملية السياسية لسنوات خلت . والسمة الأبرز و التي عكست إنعدام ثقة المواطن و الشارع العراقي عموماً بالطبقة السياسية كانت نسبة المشاركة المتدنية في عموم العراق بحيث وصلت في بعض المدن في الوسط والجنوب الى (25%) .
ولا ننسى أيضاً التدخلات الإيرانية ـ الأمريكية المستمرة للتأثير على نتائج الإنتخابات لصالح جهات و قوائم وشخصيات معينة . و بالطبع كان الفائز الأكبر في هذه العملية تحالف (سائرون) المدعوم من الزعيم الشيعي (السيد مقتدى الصدر) ب 54 مقعداً ، فيما حلت قائمتي (الفتح) بقيادة (هادي العامري) المدعوم إيرانياً بالمرتبة الثانية التي حصلت على (47) مقعداً و قائمة (النصر) بقيادة (حيدر العبادي ) المقرب نسبياً من الولايات المتحدة الأمريكية التي حلت بالمرتبة الثالثة بحصولها على (42) مقعدا .
ما يهمنا ومن خلال هذه السطور أن نشير الى دور و حجم مشاركة السيد مقتدى الصدر و مؤيديه بمختلف مسمياتهم بمختلف المراحل سواءً كانوا جيش المهدي أو التيار الصدري أو الأحرار أو تحالف سائرون الحالية ،سنجد بأنه و منذ 2005 و لحد هذه اللحظة بأن التيار المدعوم من مقتدى الصدر كان ولا يزل رقماً صعباً لا يمكن تجاهله أو تجاوزه ، على الرغم في التغييرات التي تطرأ على مواقفه فيما يخص علاقاته الداخلية أو حالة التقارب تارة و النفور و العداء مع الملالي في قم وطهران تارة أخرى !! و علاقاته الجيدة مع المملكة العربية السعودية في الوقت الراهن .
و بالعودة الى الواقع العراقي و لسنواتٍ خلت و تحديداً منذ نهاية حقبة البعث في (2003) و لحد هذه اللحظة شهدنا في العراق ما لا يتصوره لا عقل ولا منطق ، لا دين ولا مذهب ، إرهاب و تفجيرات و سيارات مفخخة و جرائم إبادة جماعية و قتل على الهوية و الإقتتال الطائفي … أما عن الفساد المالي والإداري فحدث ولا حرج ، فبعض التقارير تشير الى نهب دولار واحد من أصل خمسة دولارات من عائدات النفط في العراق ؟! ومما لا شك فيه لم يكونوا أعوان الصدر و تياره و نوابه تحت قبة البرلمان و وزرائه و سفرائه و مدرائه العامون و محافظيه و رؤساء الهيئات الرسمية و الذين كانوا ولا زالوا أعضاء فاعلين في الحكومات المتعاقبة ،لم يكونوابمنأىً عن التورط بالفساد المالي و الصراع الطائفي والقتل على الهوية ، و للتذكير فقط نقول بأن شخصيات سياسية مثل بهاء الأعرجي و مها الدوري و نصير العيساوي و أمير الكناني و حاكم الزاملي و غيرهم كثيرين كانوا متواجدين في البرلمان والحكومة لعقد و نيف من الزمن بداية من حكومة إبراهيم الجعفري (2005ـ2006) الذي كان يضم كل من سلام المالكي وزير النقل و عبدالمطلب الربيعي وزير الصحة ومروراً بحكومة نوري المالكي الأولى (2006ـ 2010) و كانت حصة الصدريين فيها ثلاثة وزراء ( الصحة والنقل والزراعة) و مرة أخرى تكرر إسم سلام المالكي في التشكيلة الوزارية ، و إستمرت المشاركة الفاعلة للتيار الصدري للفترة الثانية لنوري المالكي (2010ـ 2014) والمآسي التي شهدتها تلك المرحلة و إحتلال الدواعش للموصل و الأنبار ، وحصتهم كانت في وزارات الإسكان والتعمير والموارد المائية و التخطيط وكالة و العمل و الشؤون الإجتماعية والمالية و السياحة و البلديات و مناصب مهمة أخرى . وعادوا بقوة مرة أخرى مع حكومة حيدر العبادي عام (2014) بخمسة وزراء و وجود الوجه القديم الجديد (بهاء الاعرجي) نائباً لرئيس الوزراء .
ومن هنا نستطيع أن نرى بوضوح بأن السيد مقتدى الصدر و المقربون منه وعلى مدى السنوات الماضية كانوا لاعبين و شركاء أساسيين في الساحة السياسية ولم يكونوا بعيدين عن كل ماجرى و يجري سلباً و إيجاباً (إن كانت هنالك إيجابيات تستحق الذكر أساساً في التجربة العراقية ما بعد 2003) … إذاً هنالك أسئلة تفرض نفسها، ففي خضم الحديث الدائم عن محاربة الفساد و الإحتجاجات و المظاهرات المليونية لأنصاره ضد الحكومة ، ينسى السيد الصدر أو يتناسى أنه و تياره وأعوانه و مؤيدوه أحد أهم وأقوى أعمدة الحكومة و يشكلون إحدى ركائزه الأساسية !!. و السيد مقتدى الصدر و بعد فوزه بأكبر عدد من المقاعد في إنتخابات (12) مايو الجاري يتحدث عن شروط للمصالحة مع بعض الأطراف السياسية وفي مقدمتهم نوري المالكي و دولة القانون و التي تتلخص بإعادة الأموال المنهوبة و محاسبة المقصرين و المتسببين في جريمة سبايكر البشعة وتقديمهم الى المحاكمة ، بالإضافة كشف الملابسات المتعلقة بسقوط الموصل والأنبار . لنرجع مرة أخرى نتسائل مندهشين الم يكن التيار الصدري شأنه شأن الأحزاب الشيعية الأخرى جزءً من عملية سياسية أفرزت كل هذه المآسي ؟ أولم تكن مليشيات جيش المهدي التابعة للتيار الصدري جزءً من حقبة سوداء يريد الشارع العراقي نسيان تفاصیلها ؟ أوليس من حق الإنسان العراقي في أن يتسائل لماذا لم يقم السيد مقتدى الصدر و طوال سنوات خلت بترجمة هذه الشعارات التي ینادي بها الى واقع ملموس و أفعال و هو كان ولا يزال قادراً على ذلك ؟ وهل سبق وأن حاسب نائباً أو وزيرا تابعاً له على خلفية قضايا متعلقة بالفساد أو إهدار المال العام ، أو ساعد على محاسبة أحدهم على أقل تقدير ؟ أشك في ذلك . إذا فما الضمانات التي تستطيع إقناع المواطن بأن الشعارات التي لم تطبق طوال سنوات مضت سوف تتحول الى برامج و تطبق على أرض الواقع لتحقيق غد أفضل ؟
و لكن وفي المقابل لماذا يهرول الساسة الكورد عند أول فرصة الى المنطقة الخضراء و كأن الذي كان لم يكن ؟ ..أين هؤلاء من التقاليد والأعراف الإنتخابية ؟ هل نسوا أو تناسوا من الذي يجب عليه أن يبادر أولاً ؟ لماذا تنحنون أمام كل من هب ودب ؟ أ أذكركم بما فعل نوري المالكي و خلفه ؟ أوليس التعويل على تنفيذ الأحزاب الشيعية وعودا لم يقطعوها بالأساس و إحقاق الحقوق الكوردية جرياً وراء السراب ؟ أنسيتم الأمس القريب أم تناسيتموه ، موقفهم الموحد المعادي لتطلعات الشعب الكوردي سنة وشيعة ، إسلاميين وعلمانيين تجاه مسألة الإستفتاء ، أونسيتم ماحدث في السادس عشر من أكتوبر في كركوك و طوزخورماتوو أم تناسيتموه ؟ أولم يكونوا مليشيات جيش المهدي جزء من جرائم أرتكبت ضد الكورد من قبل الحشد الإيراني ؟
أولسنا نبالغ في التفاؤل إذا راهننا على شعارات رنانة نسمعها و لا نرى لها نتائج تذكر ؟! أولسنا في الأساس متوهمين لو تفاءلنا خيرا في من خذلونا مرة بعد أخرى ،متى نتعلم دروساً من الماضي قريبه وبعيده .. لنعرف حكام العراق بمختلف توجهاتهم وإنتمائاتهم . أيعقل أن تكون النخبة السياسية الكوردستانية عديمة الفهم بحيث يسيرون في نفس الدرب مرة بعد مرة و يتوقعون نتائج مختلفة ،أو ليس التوجه الى بغداد خياراً آخر غير صائب للقيادات السياسية الكوردية ؟
و فيما يتعلق أيضاً بالكورد و وقضيته وحقوقه الدستورية و السيد مقتدى الصدر فمن حقنا أن نتسائل أولم يكن سماحة السيد و مؤيدوه جزءً لا يتجزأ من عدم تطبيق المادة 140 الدستورية و عمليات التعريب ما بعد البعث في كركوك والمناطق الكوردستانية خارج إقليم كوردستان .
وأخيراً متى نعترف نحن الكورد بالواقع المرير الذي يسمى العراق الجديد ، ونواجه الحقيقة المرة وهي أن من يحكمون العراق (على الأقل غالبيتهم ) هم مجرد دمى تحركها إيران و الإشتراك معهم في تشكيل الحكومات و بالمقابل الحصول على الحقوق الدستورية للشعب الكوردي مجرد مضيعية للوقت والجهد و المال ، فالطبعة السياسية لا تملك من أمرها شيئاً و في إيران الحل والربط و هؤلاء لا ولن يريدوا الخير للشعب الكوردي .