عماد علي: هل يمكن ان تكون هناك انتخابات حرة في العراق؟
كما هو المعلوم ان الحرية نسبية مهما ادعى البعض او صنف او عرف الحرية وفق توجهات و افكار و فلسفات معينة يؤمن بها. فالحرية المطلقة لشعب مستوى ثقافته و ادراكه غير ناضج بمعنى الكلمة اي لازال في قعر الحياة التقدمية نتيجة الظروف التاريخية الموضوعية كانت ام ذاتية تراكمت في لاشعوره بشكل ربما وراثي ولائه و تبعيته لما يضر بنفسه به قبل غيره, يمكن ان ننتظر فوضا مدمرة و ليس خلاقة ايضا و ليس ديموقرطاية حقيقية كما ننشد. و هذا يمكن ان يستنتجه اي منا خلال العملية السياسية و ما يجري في المجتمع الشرقي و ليس في العراق لوحده , فانطروا الى ايران و تركيا رغم الاختلافات.
العراق بشعوبه و مكوناته المختلفة من اساسها, و العراق المعلوم التاريخ و الاساس و كيف تاسس كما هو حال الكثير من دول المنطقة, و العراقالدولة ذات التبعيته المتعددة و المختلفة في كل مرحلة, و لم يكن يوما تابعا لنفسه بشكل يمكن ان يدعي اي من كان يعتبر نفسه وطنيا ان يحدد المرحلة التي كان فيه هذا البلد مستقلا حرا. لا نتلكم عن فرض كل شيء بالقوة المفرطة و بعيدا عن ارادة المواطن الحر ان كان هناك ما يمكن ان نسميه مواطن ينتمي للوطن و يعتبر نفسه عراقي و وطني في المكونات الثلاث للشعوب العراقية .
بناءا على هذا المنظور المبني على الحقيقة الساطعة التي نتعايشه الان و ما نعرفه عن تاريخ العراق و بكل تفاصيله, هل يمكن ان نصل لحال يمكن ان يبدا فيه التوجه نحو الحس بالانتماء الوطني لا انتماءات اخرى في مثل هذه المواصفات التي يتمتع بها هذا البلد الفريد في كل شيء.
تاريخه من الاف السنين خليط و فيه ما يدل على منشاه و متغيراته و بداياته مشكوك في بيان امرها و كيف وصل الى ما هو عليه اليوم, التغييرات التي حصلت فيه من كافة النواحي الاجتماعية الثقافية و السياسية في بعض مراحلها يمكن ان تكون مطلقة غير مشابهة بنسبة ولو قليلة لمرحلة ماقبلها، و هذا امر يتطلب التمعن و البحث الشافي.
لنعد الى موضوعنا بهذا الحال و بهذه الخصائص السياسية الاجتماعية اضف الى ذلك تدخلات هذا و ذاك لمن يعتبر نفسه صاحبه الاحق او البعيد المصلحي الذي وصلت اياديه الى كنوزهالتي لا يمكن ان يحل عنها.
في المقابل فان الديموقراطية و ما تتضمن في حقيقتها الجوهرية و ليس مظهرها التي يريدها من لا يريد الخير للعراق بقدر ما يهمه مصلحته فقط، تحتاج الى ارضية و مجموعة لا حصر لها من العوامل التي هي من تدفع لنجاحها و هي غير متوفرة لحد الان في العراق, و ليست الانتخابات الا وسيلة اولية لبيان راي المواطن او الفرد لهدف اسمى و هو الحياة الحرة و السعادة المنشودة للفرد و المجتمع كما يتمناها اي فرد في اي بلد في العالم. بهذه السمات و التركيبة و التوجهات و العقليات و الخرافات المسيطرة و الثقافة العامة و الكلتور المشوه بفعل الغييرات التي حصلت في تاريحه نتيجة الاحتلالات و الغزوات التي ادت الى انجراف ما كان عليه و احلال البديل مكانه بكل ما اوتوا من القوة. افصبح الانتماء للفروع اكثر من اي شيء اخر, فكريا كان اوعقيديا او سياسيا او اجتماعيا. لا يمكن ان نعتقد بان العملية الديموقراطية التي تحتاج الى تلك العوامل التي يمكن ان نعتقدة بانها مستحيلة التحقيق في ظل ما موجود حتى في المستقبل البعيد, وعليه لا يمكن ان ننتظر ديموقراطية حقيقية و ليس انتخابات حرة فقط.
و يمكن اثبات ذلك بالدلائل و القرائن. نسال هل من الممكن من بؤمن بمذهب و عقيدة معينة بشكل مطلق و يعتبر غيرها شاذ و لا يمكن ان توجد ان يؤمن بان الاخر له الحق ايضا مثله في ان يؤمن بما يؤمن به هو, ان تترسخ ارضية لمثل مفهوم كالديموقراطية؟ هل من كان مختلفا في منشاه الجنسي و اساسه التاريخي عن غيره في هذا البلد ان يقتنع باحقية الاخر في حكمه لانه الاكثرية؟ فهل تقتنع المكونات الثلاث بما يمكن ان يحكم اي منهم دون غيره لمرحلة ام بعيدا المحاصصة المفهوم الوحيد الذي يحقق ما يؤمن به الشعوب الموجودة على ارض العراق, وكما هو المطلوب من الشراكة المفهوم الاخر النابع من عدم الايمان باحقية الاخر او انعدام الثقة في الاخر في كل امر صفيرا كان ام كبيرا؟
و عليه يجب ان ننتظر كل شيء بشكل طبيعي و اعتيادي, التزيف و التزوير و الحيل و اللعب و القفز عن الحقائق في كل ما له صلة بالديموقراطية و مضمونها و كيفية تجسديها. ان كان الامر ليس بما يمكن ان يدفع الحال نحو الامام بل ان كانت العربة امام الحصان و منذ انبثاق هذه الدولة بفعل فاعل، فهل يمكن ان يؤمن احدنا بان الاحساس بالانتماء للوطن يمكن ان يولد في لحظة ما في شعور الفرد العراقي.
و ربما نفكر في الامر بشكل اخر, اي القفز عن الحقائق و انتظار ما لا يعقله المفكر, فهل يمكن لاي احد ان يقول بان الديموقراطية ليست عملية مفاجئة او وليدة الساعة و تحتاج لوقت و عمل و ارضية و تستوجب مجموعة من العوامل و توفير الوسائل و الحرية شرط و فوق كل ذلك الثقافة العامة و الحس الوطني، و يمكن ان يعتقد بانها ممكنو التحقيق في هذا العراق. و ربما يعتقد البعض بانها بدات هكذا في جميع دول العالم و ووصلوا هم الى ماهم عليه. نقول هل قرا احدنا ما يحس به الشعب الكتلوني او الاسكوتلندي او الويلز او الباسك او الايرلندي او الشعب الامازيغي و حتى القبطي و كل موطيء قدم من اية دولة فرضت ارادة مركزها على جزء و مكون منها بالقوة دون ارادة شعبه. انها و ان لم تظهر القوة في بعض منها الا انها تاتي بحيل و تزييف و اللعب السياسي بعيد عن ما يؤمن به هؤلاء في اية دولة كانوا و حتى في المقتدمة منها ان لم تحكم هناك مصالح. لان البشرية حتى في اكثر الدول حرية و ما فرضته الراسمالية عليهم في الكثير منها لم تصل لحد اللحظة الى قناعة المساواة المقنع للجميع بنفس الدرجة. و من هذا يمكن ان نقارن ما نحن عليه مع الدول المتقدمة صاحبة الحضارات و التقدمية و النظرة الانسانية فيها و من ثم لنا الحق ان نتكلم عن الديموقراطية في بلد مثل العراق و من ثم نطالب بانتخابات حرة نزيهة كجزء من العملية المتعددة الاوجه و ليست السياسية فقط. ابسط الاسئلة التي يمكن ان يُنفي ما يلح عليه السياسيين من ان الديموقراطية دواء و حل لما نحن فيه و هو, ان كان المواطن لا يؤمن ببلده و لا يحس بانتماءه الوطني بدرجة ولو ضئيلة فكيف تطلب منه ان يعمل على ما لا يؤمن به من اجل مالا بؤمن به, اليس هذا ضرب من الخيال؟
و عليه يمكن ان اتراجع عن هذا الامر و الاعتقاد و التوجه ان تغيرت الحال و بسطت المساواة على ارض الرافيدن و لم نلمس الفروقات و الاختلافات الجذرية و كانت النظرة الى العراق كبلد للجميع من قبل الجميع, و هذا خيال لو كنا نقرا الواقع بتاريخه و عقلية شعوبه و موروثاته و لاشعوره و ثقافته.