عماد علي: أهي انتفاضة المعانين العفوية؟
ربما للاهداف السياسية الخفية دور لانطلاق هذه التظاهرات او ايقاد شرارة العملية بفعل ما و من قبل احد الاطراف، لهدف تكتيكي مرحلي، الا ان ما دفع الى توسع التظاهرات و ربما امتدادها يوميا و خروجها عن الحدود لما اعقتد ان يجري في مساحة معينة هو معاناة المواطن الاقتصادي و الانحباس و الانعزال نتيجة سيطرة شلات مختلفة سواء بصدفة او بفعل خارج عن صفات العراقيين ععلى سدة الحكم.
يعاني العراق بجميع مكوناته منذ عقود الا ان وضعه منذ سقوط الدكتاتورية يختلف كثيرا نتيجة فك او انفراط عقده و تحرره بعد تهميشه و حصره في زاوية عيدا عن العملية السياسية و حتى بشكل غير مباشر و دون ان يتمكن من التعبير عن ذاته طوال هذه العقود ماقبل السقوط, و كم عانى دون ان يتمكن من التعبير عما احس به و كم عانى الشباب و ما تعرض له اهله و عائلته جراء ظلم سلطته. اليوم و بعدما مضت مرحلة النقاهة دون ان يتم تغيير صالة النقاهة بما يمكن ان تناسب الواقع الجديد و التغييرات العصرية و بما يمكن ان ينتعش المواطن فيها كي يتمكن من الشفاء, و هو تحمل الصعاب لمدة يمكن ان نعتبرها طويلة و صبر كثيرا نتيجة خروج من ويلات الماضي المطبق عليه, الا انه لا يمكن ان يدوم على حال لا تختلف عن ما سبق الا من نواحي معينة و على حساب رزقه و معيشته الخاصة و رغم الايجابيات من التغيير الا انه هذه ايضا قد غطتها السلبيات التي افرزت نتيجة الفساد و التخلف و ما نتج من صنع ايدي الاسلام السياسي, ناهيك عن التدخلات الخارجية المتعددة الاوجه.
منذ عقد و نصف و تُطرح حلول غير واقعية و مصلحية و هي في اساسها من اجل اهداف خاصة لا صلة لها بالمشكلة ذاتها او من اجل اهداف ليس لها ما يمت بصلة بمعاناة الشعوب العراقية من قريب او بعيد. شاهدنا التصريحات و لمسنا الصراعات و لم يمضي وقت على الانتخابات الاخيرة التي اصبحت هي الثمرة الطبيعية لما جرت و حدثت من تفاعلات و ما حصل من تلاقي الافرازات الخبيثة لنتاجات فرط العقد الذي حصل بعد سيطرة الفاسدين على العملية السياسية بشكل اصبحت مصلحة الشعوب العراقية هي المنسي و المخفي في الامر.
افرزت الانتخابات الاخيرة عقدة غير منتظرة ايضا و المنطقة تغلي و الصراع الامريكي الايراني في قمته, و تحاول اطراف المحاور و كل من جانبه من تامين سيطرته النهائية على المنطقة دون ان يخسر كثيرا, و الساحة الاسهل لتحقيق ما يرمون هي ما تهيا من العراق مابعد الانتخابات و غير المستقر و الغارق في بحر من المشاكل و ازدادت هذه النتائج من غوصه في بحر العقيدات و يحتاج لعمليات قيصرية مختلفة للشفاء من الداء المزمن و ما حدث بشكل طاريء اخيرا ايضا.
الشعوب تعاني و محرومة من ابسط الخدمات في جو لم يسبق له ان ارتفعت درجة الحرارة لهذا الحد باي شكل كان مواكبا للضغوطات الاقليمية من خلال قطع الكهرباء و الماء و التدخلات كردود افعال من الجيران و لاهداف سياسية بحتة. و هكذا تداخلت الاسباب و استغلت المعاناة و لم يبق امام الفرد الا الخروج من اجل التنفيس عن معاناته رغم عدم ايمانه بان يلقي حلولا جذرية لمشاكله. هذا و نرى يوميا من القادة الغارقة في وحل الفساد و يخرج و يطلق كل منهم مشروعا نابعا من افكاره و مصالحه الحزبية الشخصية الخاصة, ولو تابعناهم لنرى انهم يناقضون حتى انفسهم و لم يتذكروا ما تحدثوا به بالامس لياتوا و يقولوا عكس ما قالوه مناقضين انفسهم فكرا و اقتراحا. سمعت احدهم يقترح تاسيس حكومة الانقاذ و لم يدل بتصريحه هذا من حرصه على الحلول لما يمر به الشعب من الويلات و ما يعانيه و انما يريد ان يقوي موقفه السياسي فقط لانه لم يحقق ما تمناه من خلال الانتخابات الاخيرة. و هؤلاء بانفسهم يتشدقون بايمانهم بالجستور و بعدم الخروج عن نصوصه بينما لم يعلنوا عن المادة الصريحة التي بموجبها يمكن تاسيس حكومة الانقاذ, و هذا هو التناقض بذاته من قبل هؤلاء و مايسمون بالقادة.
و هذه المواقف المختلفة المتناقضة تدلنا على ان الامر الذي يحصل في هذه المرحلة عفوي و الشعب انطلق للمطالبة بحقوقه الطبيعية مهما كانت وراءها من ايدي خفية لاسباب سياسية ربما. و هي حقا انتفاضة المعانين من الفساد و التخلف و انعدام فرص العمل لو ازيحت عنه القشرة التي يريد البعض تغطيته بها.