عماد علی: تركيا تئن و تتبجح!
في الوقت الذي يطلب فيه صاحب العصر و سلطان الزمان من الشعوب التركية طرح ما لديهم من العملات الصعبة و المقتنيات النفيسة و اقتناء الليرة التركية ( كما هو المعلوم (فان الشعب على عكس طلب منه) يعمل العكس بل هو يقتني العملات الاجنبية بعد الازمة الحالية)، ومن يخبط عليه العمل فانه يعمل من العجاب، فها هو يعرض صور لقصر مصنوع من ذهب خالص عیار 24 فی وسائل الاعلام الرسمیه التركیة ويتشدق بما لديه و يتفاخر بما تنتجه, و هذه هي الابتكارات و ما انتجته العقلية الفريدة و ما استهلته ايدي السلطان في قصور الزمان, انه لتبجح واضح و الهروب الى الامام رغم ما تعانيه الشعوب التركية بجميع مكوناتهم من الازمات المتتالية و اخيرا الاقتصادية التي اصبحت باكورة عمل السلطان العثماني الجديد و بداية وقوع في الوحل.
لو يدقق اي زائر و ليس متابع ما يعيش فيه هذا الشعب المغلوب على امره و ما تفرضه العقيدة و الفكر الشاذ النادر المتمايل بين الشوفيني و الاسلامي المعتدل المخضوع لنرجسية و هوس شخصي طامع يرى بوضوح الازمات الكثيرة التي تنتظره شعوب تركيا المختلفة. فهل من المعقول ان يعيش الكثيرون و هم يبيعون حتى اشرف مقدساتهم من اجل لقمة رزقهم بينما القلة الاقليلة من الاخرين في ابهة و بذخ و يتفاخرون بما يسرفونه و يبذرونه من مال الله الذي وفره لهم سلطانهم المفتّى؟
اننا في الوقت الذي نتألم من حياة الفقراء و البائسين و الميئوسين وعابري السبيل المنتشرين في شوارع انقرة واسطنبول و لم يسال عنهم خليفة الامة و صاحب العصر و سلطان الامبراطورية الجديدة عنهم، و هو يسلم تلك البلد لايدي القدر و يضعها تحت رحمة الحروب و التدخلات و الصراعات المتتالية و اوقع بنفسه في الفخ دون ان يعلم. اننا نتسائل ماذا بعد؟ هل الغرور اوقع صاحب الزمان في هذا الواقع الحالك الذي ارغم انفه فيه نتيجة المغامرات و التلاعب بمصير الشعوب التي خضعته الزمان بايدي صاحب الزمان و سلطان البطلان.
ان المعادلات الاقليمة و العالمية التي كانت لصالح هذه البلد منذ عقود و افادتها في الانتعاش الاقتصادي قد مر و لم يبق الى ما تنتظره من العودة. يبدو ان النرجسية و الطمع الشخصي و المغامرات و الاعتداءات الكثيرة على الشعوب قد ارغمته على الوقع في مشكلة عويصة لا يمكن ان يخرج منها الا بفقدان ماء الوجه هذه المرة.
كما هو الواقع و نهاية كل الامور فانه لا يمكن ان يصح الا الصحيح, فان تركيا بزعامة اردوغان تسير على افرزات ما احدثته التغييرات الكثيرة في المنطقة و تلاعبه و حيله التي اكتشفت و وقعت عليه, و لا يمكن الا ان يخرج من هذه الترنحات التي استفاد منه بقرارات اكثرها مرة عليه و تفرض عليه التنازل, و هذا ما يمكن ان يُستنتج منه بانه بداية لمرحلة جديدة لسلطان لم يهتم الا بنفسه و طموحاته و لا يمكن ان نتوقع بان يخرج منها بسلام الا بتنازل على حساب كرامته و موقع بلده و ثقلها السياسي و الدبلوماسي و موقعها التي كونته دلالها لدى معسكر الناتو طوال المرحلة السابقة، و هو بداية العد التنازلي للدخول في النفق المظلم و لا يمكن ان نتوقع الاستقرار و الامن للمنطقة و كما ادركته الكثير من البلدان اخيرا الا بتغييرات جذرية في تركيا و سلوكها و ما يمكن ان يعيدها الى جادة الصواب بعيدا عن السلطنة و النظام الشاذ عن العصر و الحكم الفردي.