عماد علی: الدكتور جمال احمد رشید و الزمن الاغبر.
من عرفه تاسف لوفاته نتيحة اصابته بمرض عضال. كان دائما مؤمنا بما لم تؤمن به الاكثرية الساحقة من زملاءه او من الوظائف الاخرى في كوردستان, وهو الزاهد و النزيه ومحب لعمل الخير دون مقابل, مع انه اراد فقط ان يساعد المحتاج و يضع البسمة على شفاه الاطفال و ذويهم دون اي مقابل يُذكر, كان متواضعا لحد البساطة التامة، مؤمنا بعمله لحد التعبد، كريما حميدا واثقا بنفسه و محبا للجميع بعيدا عن عالم المنافسة و الصراع بين اقرانه، انه عصامي و مثالي بكل معنى الكلمة.
لانه لم يعمل بقوالب حزبية و باي ايديولوجيا, كان محبا للفقير قبل الاخرين و في مقدمتهم العمال, لم يفعل كما يفعل الكثيرون و حتى من اقرانه و بالاخص من المتاسلمين في هذه الايام و خاصة في كوردستان و في مدينة السليمانية بالذات بالتصنع باسم الزهد من اجل مكاسب حزبية اسلاموية, كان دائما خلف الاضواء لم يحب التركيز عليه، و كما كان يحب هو ايضا ان يعيش بعيدا عن النرجسية وحب الذات، و يجب ان لا ننسى بانه لم يُهتم به كما الاخرون من المتزهدين عندما كان في الحياة رغم تواضعه هو لكونه بعيد عن ضوضاء الحزبية و المحسوبية و المنسوبية و حتى الاعلام. انه كان مستحقا ان تؤخذ مواقفه و نظرته الى الحياة موضع تقدير اكثر مما ناله، و لكنه للاسف لم يُستغل فكره و نظرته في الحياة و ايمانه و طريقته في امكان ان يخدم اكثر في المكان الاكثر مناسبا له من اجل التاثير المباشر الاكبر على حياة و مستقبل الشعب الكوردستاني و تقدمه بشكل عام، لم يستغلواعقليته الناضجة و مكانته و قدرته فلم يشرّفون شعب كوردستان بامكانياته على الاقل ان يكون وزيرا للصحة لانه لم يكن حزبيا و المناصب وزعت على المتلمقين و المحسوبين و المنسوبين لهذا و ذاك, كما هو حال كافة الوظائف و ما فرضه الفساد في جميع الجوانب الحياتية لاقليم كوردستان.
انه كان يشرّف الجميع باي منصب يمكن ان يخدم به، ورغم كون اي منصب لا يضاهي ولوقطرة من ما لا يمكن ان تُنسى من مواقفه الانسانية. و يكفينا ان نذكر احد ارائه او نصائحه لجميع الطباء مطالبا العمل به وهو ؛( ان المرضى الفقراء المصابين في الوقت غير المناسب لظروفهم المعيشية التعيسة, عندما يؤتوك و انت مزاجك ليس على ما يرام, تذكر بانه ذلك المريض و بسبب اللاعدالة في قانون الحياة طُبع على جبينه ختم البؤس، و لذلك على اي منا و بحسب قدرته محاولة تخفيف الاجحاف الذي فرضته اللاعدالة على هؤلاء البؤساء) هكذا كان هو طبيبا و مربيا و عالما و مضحيا و انسانا يساريا على ارض الواقع بكل معنى الكلمة، غير ابها بماديات الحياة و كل ما يدخل في المصلحة الذاتية؛ انه الدكتور الطبيب الانسان جمال احمد رشيد.
يكفي فقط ان نذكرانه كان يفحص ويعاين و يعالج الاطفال المرضى و هو بنفسه مريض على الكرسي النقال و يعاني من اعراض المرض الخبيث. ما اعظمك و انبلك يا من تستحق ان يُقال لك الطبيب نعم انت الطبيب و نَعم انت نِعم الطبيب.