عماد علي: انعدام المعارضة الحقيقية في العراق و كوردستان ايضا.
منذ سقوط النظام السابق لم نر احزابا معارضة حقيقية مشاركة في النظام السياسي الجديد و لها استراتيجية بعيدة المدى و لديها خطط من اجل التقييم و التقويم و مراقبة السلطة و العمل على تداول السلطة و تطبيق العملية الديموقراطية بجوهرها و شكلها الصحيح، وهكذا لاقليم كوردستان منذ انتفاضة اذار 1991. و ما نتلمسه هو التراوح و التنافس و الصراع حتى المدمي من اجل منصب تنفيذي و وصلت الحال الى الاقتتال الداخلي و ما استنزفه من دماء الشباب و ذهبت سدا، اضافة الى الخسائر المادية و التراجع و حدوث الفوضى وكان المتضرر الاول هو الشعب و في مقدمتهم الطبقة المسحوقة، و الجميع يسال عن السبب و الحل و لماذا يحدث هذا في بلد لا يقل عن الاخرين في شانه على الاقل في المنطقة و ليس في الدول المتقدمة.
كان من الاجدر بالسلطة الكوردستانة ان تعمل ما بوسعها من اجل ان تقدم نموذجا يحتذي بها العراق لان الاقليم تحرر قبل العراق كما هو المعروف بعقد و نيف و مارس العملية المسماة بالديموقراطية شكلا منذ بداية التسعينات على الرغم من كونها مظهرية غير جوهرية و هو ينفذ قشرتها فقطباليات معوقة, دون ان تكون هناك ارضية و عوامل مساعدة لنجاحها، و كذل بالنسبة للعراق البلد صاحب العمق التاريخي الذي كان من المفروض ان يكون له الباع في تخطي المعوقات و العراقيل المتعددة الشكل بشكل سلس ولو ببطء متوقع، الا انه لم يتقدم ولو بخطوة بل مما زاد الطين بلة هو انقشاع الامل و ضياع كل ما كان الشعب يامله في التغييرات المنشودة، و الاخطر ما في الامر هو اختزال الثقة و انعدامها لدى الشعبين في العراق و كوردستان بامكانية اعادة قطار العملية الى سكته و تجسيد الاعتقاد بان تكون الحالة مسالة وقت و يمكن ترسيخها ولو متاخرا. ان سيطرة الاسلام السياسي و تشبثها بالسلطة على حساب تثبيت الخطوات الاولية المطلوبة لبناء الارضية الصلبة لبناء العملية الديموقراطية الحقيقية، و كل ما كان يهمهم هو الفوز بالامتيازات الحزبية الشخصية بعيدا عن المامول و على حساب القضية و مستقبل الشعبين، هو العامل الرئيسي لتخلفنا طوال هذه المدة.
كي نختصر، يمكننا ان نوضح الاسباب بحزمة واحدة ولو اننا على ايمان راسخ بان هناك اختلافا جوهريا في شكل و تركيب العوامل التي ادت الى عرقلة العلمية الديموقراطية في العراق بشكل عام مع اقليم كوردستان على الرغم من ما بينهما من المشتركات ايضا. الا اننا يمكننا ان نقول بان العوامل الموضوعية يمكن ان تكون اكثر تشابها عن العوامل الذاتية, نظرا لاختلاف الوضع السياسي و الثقافي و الاجتماعي و التاريخي و العامل الجيوسياسي بين الاقليم و العراق. و عليه يمكننا ان نقول بان الموروثات التاريخية من النواحي الاجتماعية الثقافية و من بينها الدينية المذهبية التي يشترك بها العراق مع دول المنطقة بشكل عام قد تكون هي العواقب الكبيرة، اضافة الى ما يتميز به العراق من خصوصيات في ظروفها العامة من نواحي كثيرة و منها الدينية المذهبية العرقية عن دول المنطقة و حتى مع اقليم كوردستان.
انعدام الممارسة على ارض الواقع السياسي منذ تاسيس الدولة العراقية و عقدة ظروف انبثاقها و المراحل الماسوية المؤثرة التي مرت بها على الفكر المترسخ في نظرة المجتمع و الشعب العراقي بكافة مكوناته و طبيعتهم على الامر المعني، اي انعدام الثقة بالنفس و قلة الخبرة المتصل بالاسباب الموجبة للعملية السياسية و ركنها الاساسي و هو الديموقراطية و الياتها. اضافة الى غياب الثقافة الديموقراطية لدى الفرد كانت ام الاسرة و المؤسسات و الشارع. اي كان المراد بتطبيق العملية الديموقراطية هو السير بارجل حافية لمسافة كبيرة على صخور جمرية خلال الوقت المناسب المراد لانطفاء جذوتها خلال مدة معينة و بشكل طبيعي دون تدخل الي، و من ثم اكتساب المقاومة و التاثر بما يفرضه الواقع على المتمرسين ليثبتوا العملية دون تراجع و به يمكن ان يقفزوا معوضين المراحل التي لم تشهد اي تقدم من هذه الناحية. اي عدم تسلسل المراحل المطلوبة للتقدم من اجل سير العملية بسلالة و الاستفادة من افرزاتهاالايجابية المتسلسلة خلال التطبيق العملي، و ما تفرزه الممارسة العملية من المعوقات ايضا لتفاديها بتكرار العملية.
اما الاسباب الذاتية لدى الشعبين الكوردستاني و العراقي و ما برز من ثنايا ارحامهما من الاحزاب العرقية و الدينية و باختلاف مظاهرها و تشابه جواهرها من حيث التركيب و الفكر و الفلسفة و بالاخص احزاب الاسلام السياسي في العراق و الاحزاب الثورية في اقليم كوردستان الذين كان همهم الاول و الاخير هو العمل على كيفية ضمان مصلحة احزابهم و المنتمين اليهم فقط بعيدا عن الشعب و مصالحه العليا . اي العائق الاكبر هو الحزب و الذي له علاقة وثيقة مرتبطة بخصائص الشعب و تاريخه و مستواه الثقافي و فكره و فلسفته. و انعدام الاستراتيجية الفكرية السياسية و عدم التفكير حتى لمدى قريب ايضا لكيفية بناء الاركان الضرورية للعملية الديمقورطاية وب الاخص في ايجاد المعارضة الحقيقية، مما ادى هذا الفكر الضيق الافق و هذه النظرة الى ان يفرض ما يجبر على ان يفكر الحزب و الشخصية السياسية لمنصب يوفر له المصلحة قبل الخوض فيما تتطلبه العملية الديموقراطية الطويلة الامد. و من خلال التشابه بين عمل و تركيب و توجهات و خصائص الاحزاب، فانهم يفكرون بشكل مشابه و ما يهدفون هو واحد و بتعابير مختلفة، فانهم يتلهفون الimadى نيل السلطة باي ثمن كان، و هذا ما يدفعهم الى الابتعاد عن التفكير في بناء معارضة حقيقية, وان كانت هناك اعتراضات فانها ليست من دوافع الهدف الذي يجب ان يتحقق لترسيخ و تجسيد الديموقراطية و هو وجود معارضة ايجابية الى جانب السطلة و باهدافها و عملها الخاص لتقدم النظام السياسي و ليس اعتراضات من اجل ضمان مصلحة مرحلية او تكتيك بعيدا عن ما تتطلبهه المعارضة الحقيقية صاحبة الاهداف الاستراتيجية. اي استغلال الهدف التكتيكي بدلا من الاستراتيجي البعيد المدى باسم المعارضة وهو ما يدفع الى اضمحلال العقلية السياسية المفكرة في بناء اركان العملية السياسية الصحيحة بشكل سليم و من ضمنها الديموقراطية و متطلباتها العملية على ارض الواقع بعيدا عن التنظير و الادعاء. و يجب ان نضيف بان خوف كافة الاحزاب الكبيرة و الصغيرة من الانحلال و الضمور و عدم المقاومة بعيدا عن السلطة هو الدافع الرئيسي لتهافت الاحزاب كافة الى التمسك ولو بزاوية صغيرة من النيل من ملذات السلطة لضمان بقائهم, لكونهم مظهريين غير نابعين بشكل طبيعي من رحم الشعب و لم يجدوا من المنتمين لهم في الدفاع عنهم او بقاءهم في الضراء, و عليه يؤمنون بان السلطة هي منقذهم و لن يتمكنوا من الابتعاد عنها من اجل بناء الركن المهم للعملية الديموقراطية العامة و هو وجود المعارضة المراقبة و القوة البديلة و بوجود حكومة الظل المعمول بها في اغلب الدول المتقدمة. و السبب الضمني الرئيسي هو تشابه الاحزاب وجها و عقلا و مظهرا و تركيبا، و هذا ما يفرض فقدان الثقة بولادتة المعارضة الحقيقية في العراق و كوردستان عن قريب. و من المعتقد بان العملية السياسية ستظل عرجاء لمدة اخرى في العراق و كوردستان على حد سواء، على الرغم من قُدم العملية في اقليم كوردستان.