دکتور محەمەد ئەمين: أبعاد المثلث الصراع لإسرائيلى يهودي- تركي سني – وإيراني شيعي.
منذ انهيار النظام السياسي العربي والدفاع العربى نتيجة الحرب الخليج الأخيرة فى اذار 2003 وعندما قامت اميركا باحتلال العراق وانتهى نظامه ومن ثم سقوط وإضعاف الأنظمة العربية التي تمثل دول الدفاع العربي خلال الربيع العربي مثل ليبيا وتونس ومصر واليمن وسوريا والسودان ،وفشل الربيع العربي بانجاز الهدف الذي قاتل الناس من أجله ( وهناك أسباب ولكن ليس هذا موضوعنا هنا) , فلم يتبقَ ممانعة عربية على مستوى الدول أمام إسرائيل مما اتاح لها ممارسة سلطتها و هيمنتها فى المنطقة غيرالدولتين المسلمتين وغير العربيتين ونقصد هنا ايران وتركيا.
ان انهيارالقوة والدورالعربي في الصراع مع إسرائيل ادى الى فسح المجال امام ايران وتركيا كقوى اقليمية رئيسية للعب الدورالرئيسى فى الوضع السياسى فى المنطقة ,وها هنا بدء التشدد بالصراع مع اسرائيل بكل ابعاده التاريخية والدينية والمذهبية وبدوافع اقتصادية وهيمنة المصالح القومية ومن ثم الدينية او ربما خلق المبررات الدينية ٫ان فراغ القوة وكذلك الفراغ السياسى والفكرى السائد فى العالم العربى منذ العقدين اعطى لكلتي الدولتين ايران وتركيا قوة الدفع لملء الفراغ السائد ولكل دولة منهما بادواتها المختصة والمتاحة٫ في الوقت الحالي هناك ثلاثة أعمدة من القوى فى الشرق الاوسط / مثلث القوة الإسرائيلى / يهودي. تركي/ سني. وإيراني/ شيعي ,وان اي من هذه الاعمدة يحمل رسالة دينية ومذهبية و تاريخية.
وجود القوى والنفوذ الايرانية والتركية فى البلدان العربية ادى الى تفكك المجتمعات العربية وحتى غيرالعربية فى المنطقة على اساس الانتماء المذهبى والدينى وهذا بدوره ادى الى تشكيل تحالفات جديدة وعداءات جديدة او حتى احياء وتذكير بالنزاعات التاريخية حيث يعتبر التاريخ فى وقت الحاضر صاحب الحضور الفعال بكل ابعاده الحضارى والدينى والجغرافى, وكل طرف من الاطراف الرئيسية فى مثلث الصراع اى الإسرائيلى/ يهودي، …تركي/ سني… وإيراني/ شيعي يستند ويبررحضوره تاريخيا ودينيا . و فى هذا الصدد ,من جهة ايران …فقد استطاعت وبقوتها ان تزحف الى كل الاماكن التي فيها وجود شيعى من اليمن مرورا بالعراق وسوريا الى جنوب لبنان حيث اصبح فى تماس مباشرمع اسرائيل وتهديدا مباشرا لإسرائيل عن طريق حزب الله الشيعى اللبنانى والذي يعتبر العامل الاساسى لمساندة ايران على بسط نفوذها فى المناطق والبلدان المذكورة وربما انتقال لمركز وقوة المرجعية الشيعية من العراق /نجف الى قم / ايران وحيث اصبحت ايران الان المدرسة الاولى للعلوم الاسلامية ودخلت في تنافس مع الازهر لاستقتبال اكبر عدد من الطلاب فى دراسة الفكروالفقه الاسلامى .
ان ظهور ايران كقوة شيعية ناشطة فى المنطقة ادى الى تقارب اسرائيلى /يهودى مع اغلب باقي البلدان العربية الاسلامية السنية الاخرى للحد من النفوذ الايرانى المتصاعد٫ وان هذه الحالة تعتبر مرحبة جدا من قبل اسرائيل لتضطر البلدان العربية ان يلجأوا اليها ويجّمعوا فى تحالف واحد معها خوفا من ايران ومن التهديد الايرانى لوجودهم حسب مبررات الدول العربية المتحالفة ضمنيا مع اسرائيل,ولكن النفوذ الايرانى المتحدي لاسرائيل على مناطق النفوذ والوجود الاسرائيلي يعتبر خطا احمرا بالنسبة لاسرائيل وامريكا وغير واردة في حساباتهم حيث اخذوا بالمناوشات والهجمات الاسرائيلية المستمرة على القوات الايرانية فى سوريا فى الوقت الحالى,وادخال الحرس الثورى الايرانى فى قائمة الارها ب من قبل امريكا دليل على هذا,وربما تريدان كل من اسرائيل وا مريكا ان يمددوا هجماتهم على قوات إيرانية فى مناطق أخرى أو حتى يستهدفون مراكز القوة داخل إيران نفسها في حالة عززت ايران نفوذها فى المنطقة من خلال زيادة الدعم للجماعات الشيعية و تسليحهم بالصواريخ الذكية الموجهة نحو اسرائيل.
فيما نلاحظ ان تركيا من جانبها, لها طموحات لاعا دة ما يسمونه الاتراك بالمجد العثمانى وفى كل المناطق التى كان فيها الحكم العثمانى نافذا فى كل من شمال افريقيا/المغرب العربى مرورا بالشرق الاوسط وحتى نحو اسيا الوسطى واوروبا عبر منطقة البلقان. وفى ظل حكومة العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب اردوغان تحولت تركيا الي مرجع سياسى للاسلام والمسلمين السنة ,وحلت محل السعودية ومصر واصبحت مرجعا ومركزا للحركات الاسلامية السياسية فى العالم , حيث تعتبر تركيا الان وبنظر اكثرية المسلمين السنة والاخوانين البلد الوحيد بين البلدان الاسلامية التي بامكانها ان تدافع عن العالم الاسلامى ,واصبح اردوغان الشخص الوحيد والاول صاحب القدرة لقيادة مليار مسلم نحو الوصول الى احلامهم من كرا مة وعدالة وتنمية. وبنظرالاتراك فان وجود كيان اسرائيلى /يهودى ليس منافسا لها فى النفوذعلى المنطقة فحسب بل هو كيان محتل لارض يرجع ملكيتها اليهم ( ونعني الاتراك).
ان تركيا ببعدها الدينى والفكرى والتاريخى استطاعت ان تتحدى اسرائيل من خلال دعمها لجماعات سنية اسلامية مناوئة لاسرائيل كما تفعل ايران ولكن من خلال دعم لجماعات شيعية باستثناء حركة حماس الفلسطينية التى تتلقى الدعم من كلا الدولتين (ايران وتركيا) ,وهذا هو البرهان الدامغ على ان كلا البلدين السنى والشيعى لهما رؤية مشتركة تجاه اسرائيل بالرغم من خلافاتهم المذهبية والمنافسة الشرسة بينهما على مناطق النفوذ .ان طموحات تركيا لتوسيع نفوذها بالدوافع التاريخية ،الدينية والقومية تصطدم مع طموحات ومصالح البلدان الاخرى وفى مقدمتهم اسرائيل لذلك تحاول إسرائيل أن تقترب من اليونان و قبرص والتعاون والتفاهم مع مصر لتشكيل حلف غيرمعلن لمواجهة زحف تركيا وطموحات تركيا فى توسيع نفوذها بالدوافع الاقتصادية فى مجال الطاقة وفي مجال الاسواق حيث الصراع القائم فى الوقت الحالى حول النفط والغاز فى البحرالابيض المتوسط بين (اسرائيل واليونان وقبرص ومصر)من جهة ..وتركيا من الجهة الاخرى لهو خير دليل على هذه الحقيقة.
كذلك فان إسرائيل و بدوافع تاريخية ,دينية واستراتيجية تعبر وبوضوح أو ضمنيا بان الشرق الاوسط كله بما فيها تركيا وايران ضمن حدود الامن القومي والتاريخى لها عن قرب اى تغيير قد يطرأ على اى صعيد كان وتبرراى عمل تقوم بها ضد اى دولة او مجوعة تعتبرها تهديدا لها وخاصة بعد عجزها عن مواجهة حزب الله فى لبنان لحد الان وهي لن تتقبل لحزب الله اخرعسكريا.
وتوازيا مع الطموحات الايرانية والتركية حول بسط النفوذ على الارا ضي العربية والكردية, فان اسرائيل لها طموحات اخرى ببسط النفوذ من النيل الى الفرات (حسب ادبيات المقا ومة وقوى التصدى العربية لاسرائيل )بهذا الصدد حول إمبراطورية إسرائيل المستقبلية ،وحتى لولم يكن واقعياً وملموساً بسبب محدودية سوق الجيش الاسرائيلى،ولكن وبالتأكيد فان اسرائيل تعتبر المنطقة من النيل إلى الفرات كمناطق لنفوذها, لذلك فان اى تواجد ايراني وتركى عن قرب في مناطق النفوذ الاسرائيلى فى الشرق الاوسط ومن ضمنها دول الخليج العربي و شمال افريقيا فان اسرائيل ستعتبره انتهاكا لسيادتها وتهديدا لامنها.
ان الصراع بأبعاده الاقتصادية والتاريخية والدينية يدور بين ثلاث قوى رئيسية في الشرق الأوسط كقوى مثلث الصراع بحيث حتى الآن العرب والأكراد اصبحوا الضحايا الرئيسيين ووقودا لهذ المثلث الصراع الذي لن يتوقف بدون خاسر وفائز لاحد او لاكثر من اطراف متورط فى الصراع وسوف نرى فى المستقبل القريب اى منهما بامكانه ان يحول مثلث الصراع هذا الى مثلث برمودا؟ ومن ثم بدء شكل وعصر جديد فى المنطقة.